الحياة - السعودية حسمت السعودية موضوع المستقبل، ووافقت هيئة البيعة على تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، وعرف السعوديون والعالم من هو الملك القادم - بإذن الله -. جاء البيان من الديوان الملكي واضحاً ومحدداً لا يحتمل التأويل، كما لا يمكن تعديله أو تبديله. تفعيل هيئة البيعة أمر جيد وسابقة محمودة في حسم كثير من الأمور الخاصة ببيت الحكم السعودي، وإجهاض الإشاعات لكل خراص في الإعلام أو مجتهد في وسائل التواصل الاجتماعي. الأمير مقرن ليس غريباً أو بعيداً عن القرار الاستراتيجي إذا ما استعرضنا خبراته الطويلة والمتعددة، لكنني سأتناول بالحديث هنا الأمير مقرن من زاوية السمات المنبثقة عن خبرته، بوصفه ضابط طيار مقاتل، ومن أهمها: التخطيط، الدقة، الجودة، الوقت، السرعة، الأهداف، الحداثة، المرونة، المنظومة، والخطر وتفاديه أو تدميره. ولذا، كل طيار مقاتل لا بد وأن يعرف لازمة تقول: Fighter Pilot Do It Better، وتعني: «أيها الطيار المقاتل، نفّذ أفضل». نحن في حاجة إلى خصائص وسمات الطيار المقاتل في الأمير/ الملك، لحل عدد من القضايا المحلية الضاغطة في تخفيف البطالة، وإصلاح سوق العمل، وتأمين السكن، وتحسين الرعاية الصحية، وتطوير التعليم، وتعميم الخدمات البلدية، والشؤون الاجتماعية. ولنبدأ بالأزمة التي تستشري يوماً بعد يوم، وهي البطالة المستفحلة، على رغم تصريحات هنا وهناك للتخدير أو للتضليل، واستهليت بالبطالة، لأنها «القنبلة الموقوتة»، «جدة الكبائر»، ولأن في حلها يسهل حل التحديات الأخرى. البطالة في بلادنا تعاني من أمرين رئيسين: الأول، عدم معرفة وزير العمل حجم وعمق وخطورة هذا الملف. ولذا، جاء كثير من الحلول في برامج ومبادرات ملونة ومرتجلة ومتخبطة، وتنم عن ردود أفعال أكثر منها خططاً واضحة. والأنكأ من ذلك، تصريحات وأرقام يطلقها الوزير والمسؤولون في العمل لا تتناسب مع الواقع. الأمر الثاني، اختطاف التجار لسوق العمل وهيمنتهم وتحايلهم وتسارع نفوذهم وتمدد مصالحهم بوسائل متعددة، ما جعل وزارة العمل أرجوحة بين كبار وصغار التجار، ولكن بالتأكيد ضد المواطن الباحث عن العمل الذي استثمرت فيه الدولة مبالغ طائلة في الخارج والداخل، لكن المواطن وقع بين مطرقة انعدام الفرص الوظيفية وسندان القبول بوظائف زهيدة العائد المادي، لا تكفي لجزء من نفقاته الشهرية. لذا نتمنى أن يتسلم الأمير/ الملك - بمناسبة تعيينه - «ملف العمل» شخصياً، وألا يتركه لاجتهادات وتجارب وزير أو مدير. فالملف جداً خطر، ولنتذكر أنه يتصدر اهتمامات كل حكومة في العالم، فخنق البطالة - على سبيل المثال - سيلغي الفقر، أليس صنعة في اليد أمان من الفقر؟ تمكين المواطنين من الوظائف المناسبة ذات الأجر المناسب سيساعد في دفع أقساط السكن، والتأمين الطبي، وفواتير الكهرباء والماء، ومستلزمات الحياة الأخرى المتصاعدة. إشغال الشباب في ما ينفعهم سيوفر على الدولة الكثير من المعاناة، أمنياً واجتماعياً وثقافياً. تشغيل الشباب سيزيد من أمرين: زيادة الولاء والانتماء والتفاؤل. تناقص الاحتقان والإحباط والاستهتار. أخيراً، سيجد الأمير/ الملك الكثير من التبريرات والأعذار من المعنيين عندما يفتح ملف البطالة، لكننا ننصحه - وبأمانة - أن يأخذ تلك التبريرات والأعذار «بقليل من الملح» كما يقول المثل الغربي، كما نجزم ونؤكد أنه بالإمكان إلغاء البطالة من المعجم السعودي في غضون ثلاثة أعوام فقط، إذا توافر أمران، الإرادة والإدارة. المنظومة الإدارية في وزارة العمل ومشتقاتها تحتاج إلى تغيير وتبديل سريعين، بسبب تجمع ثلاث سلبيات: سوء المعرفة، وسوء الإدارة، وسوء التقدير. كما أن إنشاء «هيئة عليا للموارد البشرية» أمر حتمي وضروري، تكون محايدة وتعمل مراقباً على طريقة Stand & Eval، ويعرف الأمير ما يعنيه المصطلح. ختاماً، ثقة المواطن في الدولة «الحُكام» ما زالت عالية، لكن الثقة في المنفذين من وزراء «الحكومة» المرتبطين مباشرة بالمواطن متدنية. ختاماً، نهنئ خادم الحرمين وسمو ولي العهد وهيئة البيعة على وحدة الكلمة، أصلح الله شأنهم. كما نبارك لسمو الأمير مقرن وندعو له بالعون والتوفيق، ونقول له: Do it better [email protected]