اليوم - السعودية في إدارة الشأن العام وبصورة عامة يمكن الجزم بأن الجودة أبسط وأسهل طرق الكشف عن خلل في منظومة الأداء، سواء كان ذلك إداريا أو خدميا، بحيث يصبح تراجعها مؤشرا للخلل والفساد، وتقدمها دليلا على النجاح والتميز والوصول الى الغايات التنموية المنشودة، وعلى سبيل المثال، يمكن قياس جودة منشأة من الناحية الإدارية وسلامة هيكلها الوظيفي من خلال مستويات الأداء والحفاظ على الدوام والمنجز النهائي للعملية الانتاجية، والعكس أيضا صحيح في حالة تراجعها وفشل المنشأة في القيام بواجباتها وتواضع قدراتها الانتاجية نتيجة لضعف القائمين على شأن المنشأة. في الجانب الخدمي، تعتبر الجودة شفرة النجاح والتميز وأسهل الطرق لاكتشاف الخلل في بنية ومنهج سلامة العمل في المؤسسات والأجهزة التنفيذية، وإذا تتبعنا كثيرا من المشاريع الخدمية لقياس مدى الجودة في تنفيذها، فإننا يمكن أن نسهل الطريق السهل الذي لا يدخلنا في دهاليز ضبابية قد تضيع معها الحقيقة، وذلك بالوقوف على أحوال الصيانة، فإذا كان هناك مشروع خدمي حديث لم يمض على إنجازه شهور قليلة ونزلت الى أرض الواقع آليات أعمال الصيانة، فذلك مؤشر فعلي وحقيقي على عدم توفر الجودة في إنشائه منذ البداية، وذلك للأسف ما نلحظه في كثير من المشاريع. وفي تقديري أنه كلما نشطت إدارة الصيانة وازداد حجم عملها فذلك ليس ظاهرة صحية، لأن تمتع المشاريع بالجودة يفترض أن يبقيها بعيدا عن معاول الصيانة لسنوات طويلة وليس شهورا قليلة تبدأ فيها أعمال التشريح والإصلاح، ولدينا نماذج لمشاريع كبيرة لا تزال بعيدة عن متناول أي أعمال صيانة في بنيتها الأساسية وكثير من تفاصيلها؛ لأنها تمتعت بأعلى معايير الجودة الإنشائية، مثل جسر الملك فهد الذي حتى الآن لم نشاهد أي أعمال صيانة سوى مرات قليلة رغم عمره الزمني الكبير. ولعل أكثر المشاريع التي تخدم المواطن بصورة حيوية، وفي الوقت نفسه تؤثر على نشاطه اليومي من خلال أعمال الصيانة المتكررة فيها، هي المشاريع البلدية التي حين نضعها في معيار الجودة فإننا من حيث المبدأ يمكن أن نقرر أن بها مشكلات تتعلق بتنفيذها واستلامها دون اكتمال مطابقتها للشروط الإنشائية، بدليل النشاط الكثيف لإدارة الصيانة التي تنزل بأدواتها ومعداتها قبل أن يجف الأسمنت الذي أنشئت به، وحقيقة أستغرب أن هناك إدارة في الأمانة تسمى بالجودة، وأسأل أي جودة وأي معيار يتعاملون به؟!! الدولة تنفق المليارات وتطلق المشاريع وفقا لخطط ودراسات، ولكن مع الأسف تنفيذ هذه المشاريع يكون دون المستوى، ما يجعلنا نكرر السؤال حول ما تعمله إدارة الجودة؟ فالصيانة تأتي دائما بعد الإنشاء بفترة قليلة، فنحن حينما نبني منزلنا لا نقوم بصيانته منذ اليوم الأول أو حتى السنة الأولى لسكننا فيه، ذلك لن يحدث إلا بعد ثلاث أو خمس سنوات على الأقل، ومن غير الطبيعي أن نبدأ مشاريع الصيانة في اليوم الأول الذي نسكن فيه منزلنا، في الواقع يتكرر ذلك بشكل مستمر في مشاريع أمانة الدمام، بل حتى صيانة هذه المشاريع لا تكون بالقدر المطلوب، وأستشهد بنفق طريق الملك فهد مع الأمير نايف الذي يعتبر من نماذج فشل مشاريع الصيانة والجودة، فجدرانه مكسرة، وبه حفر في وسط الطريق، وفي أوقات يكون مظلما. إنه فعلاً مخيف، مع الأسف هذا الطريق هو من الطرق الرئيسية في المدينة فكيف بالطرق الجانبية. إن مثل هذه المشاريع وصيانتها مؤشر نحو خلل يستوجب إعادة دراسة الوضع ومعاقبة المتسببين والمقصرين الذين أوصلوا شوارعنا الى هذا الحد. [email protected]