الرياض - السعودية بعد كل زيارة لمعرض كتاب تتراكم الكتب على الأرض في غرفتي، وتتراكم معها الأسئلة المتعلقة بالقراءة والكتب. أمضي ساعات وأنا أرتب الكتب الجديدة على رفوف مكتبتي الموزعة بدورها على أكثر من مكان، ما بين البيت والعمل، لكنني أعجز عن ترتيب أسئلتي على رفوف الإجابات المحتملة، فأتركها لغبار الأيام والمزيد من القراءة أيضا. ترتيب الكتب على الرفوف عملية ممتعة وتستغرق مني ساعات كثيرة مهما كان عدد الكتب، ذلك أنها لا تعني وضع الكتب على الرفوف المناسبة وحسب، بل تتوسع تلك العملية وتتطور لتصبح نوعا من القراءة السريعة، وأحيانا البطيئة! قراءة عنوان كتاب ما من بين كومة الكتب لتحديد الرف المناسب له تتبعها أحيانا قراءة ما كتب على الغلاف الأخير، أو الفهرس، وهذا بدوره يقودني إلى صفحة معينة، والصفحة تجر وراءها صفحة أخرى أو أكثر، وهكذا يمضي الوقت من دون أن أتم مهمتي. وغالبا ما كنت أؤجل تلك المهمة وأشرع بقراءة الكتاب قبل أن يصل إلى الرف. ويتكرر معي ذلك الأمر في كل مرة أقترب فيها من كومة الكتب القابعة على الأرض، والنتيجة أن معرضا آخر للكتب يفتتح قبل أن تكون غنائم المعرض السابق قد استقرت في مستقرها المناسب في المكتبة. على أي حال لا بد من الاعتراف بأن الفوضى العارمة التي يتسبب بها ذلك الأمر في غرفتي في البيت أو في مكتبي في العمل تبدو أهون من الفوضى التي أستشعرها في رأسي كلما تذكرت عناوين كتب أخطط لقراءتها من بين تلك الأكوام وأخرى لم أحصل عليها بعد. وهي فوضى تدور في رأسي كدوامة عاصفة تنتهي في كل مرة بذلك السؤال القاسي: متى أقرأ كل ما أشتهي من الكتب؟. في قصيدة لي عنوانها "تواضعت أحلامي كثيرا" كتبت في سياق تلك الأحلام التي تواضعت: "أريد أن تتَّسع غرفتي لتحتوي كل كُتبي الكثيرةِ أَو تصيبني نوبة جنونٍ فأحرق هذه الكتب" ويبدو أن ذلك المقطع الذي ورد في كتاب لي صدر في العام 2006م، كان صدى لقصيدة أخرى عنوانها "مكتبتي"، كنت قد كتبتها قبل كتابتي لحلمي المتواضع بأكثر من عشر سنوات وقلت فيها: "في مَكْتَبَتي كُتُبٌ لمْ أَفْتحها أخشى، إذْ أَفعلُ، أَنْ أَتَلاشى بينَ رياحِ الكلماتِ المحمومةِ أَو أَغْرقُ تَحْتَ سُيولِ الكلماتِ الهادرةْ أو أَتَجرَّعُ عاصفةَ الكلماتِ فأْنفجرُ في مكتبتي كُتُبٌ مُغْلقةٌ ما زالتْ تَتزايدُ كُلَّ نهارٍ تُرى.. هل تَكفي كُلُّ مساءاتِ العُمْرِ الآتي لقراءَتِها؟". طبعا.. سؤال القصيدة ظل بلا إجابة. وهو يذكرني بإجابة عباس محمود العقاد الشهيرة، عندما سئل عن سبب حبه الكبير للقراءة، فقال: أحب القراءة لأن حياة واحدة لا تكفيني. أما أنا فيبدو أنني سأكره القراءة لأنني لا أملك سوى حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفي القراءة!