الحياة - السعودية كنت في سلك القضاء وما زلت في مهنة المحاماة أحاول أن ألاحظ أكبر ما يؤثر في كفاءة رأس المال البشري الذي يقدم الخدمة القضائية، فأجد بوضوح شديد أن محل الصدارة منها ما يتعلق باختيار المتخصص في كل شأن مع تواصل التدريب والتأهيل المستمرين قبل الالتحاق بالمهنة وأثناء أداء الخدمة، مع قياس ذلك بشكل دائم ومعالجة أوجه القصور. وطاول التطوير لمنظومة العمل القضائي أخيراً هذين الأمرين، إذ أقر المرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19-9-1428ه الذي جاء بالفقرة الأولى بالموافقة على نظام القضاء ونظام ديوان المظالم، وبالفقرة الثانية بالموافقة على آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء ونظام ديوان المظالم، وورد في آلية العمل ما يتعلق بإنشاء بعض المحاكم المتخصصة، وهي محاكم الأحوال الشخصية، المحاكم الجزائية، المحاكم العمالية، والمحاكم التجارية، مع الإشارة إلى اللجان شبه القضائية وما في حكمها. إن استحداث مثل هذه المحاكم المتخصصة سينعكس إيجاباً على المتقاضين لتحقيق عامليّ السرعة والجودة، فكون هذه المحاكم تنظر قضايا ذات وحدة موضوعية متجانسة يعني بالتالي تحقق سرعة الفصل في المنازعات المنظورة أمامها مع مزيد من الضبط والإتقان والذي سببه تخصص القضاة وسائر العاملين في خدمة تلك المحكمة المتخصصة. ولئن كانت ركيزة تطوير العمل القضائي اتسعت بهذه التشريعات، فهي قويت بما استحدث أخيراً من إنشاء مركز التدريب العدلي، الذي يتوقع أن تنعكس آثاره على تلك القضية المتخصصة. وخلاصة القول إن هذا التزامن بين تفعيل فكرة القضاء المتخصص بأنواعه ودرجاته والتدريب المتخصص لرفع كفاية وتأهيل القضاة، وكتّاب الضبط ومحضّري الخصوم وأعضاء هيئة النظر، وغيرهم من مساعدي وأعوان القضاة وبيوت الخبرة والمحامين يعد خطوة واسعة جداً نحو تحقيق أهداف مشروع تطوير مرفق القضاء. * محامٍ ومستشار قانوني [email protected]