ONA - القاهرة سأقول لكم كلمات، خذوها أو اتركوها، ولكن كلماتي صادرة من قلب صادق يحب دينه ووطنه، وقد أتعبني وقض مضجعي أننا ابتعدنا عن الاسلام سلوكا، ولكننا مارسناه كلاما، ثم ابتعدنا عن الاسلام فهما، ومارسنا غيره تطبيقا على ظن من ان غيره هو الدين، الاسلام الذي عرفته أيها السادة هو التسليم لله، لذلك قال سبحانه عن ابراهيم انه {كان حنيفا مسلما} وقال الله أيضا {ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون} وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل من قال لا اله الا الله دخل الجنة»، فالشهادة التي تدخل الجنة هي الشهادة بوحدانية الله، وعندما أراد الصحابي أبو عمرو سفيان بن عبدالله الثقفي ان يعرف ما هو الاسلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، قل لي في الاسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال :قل آمنت بالله، ثم استقم، فالاسلام اذن هو الايمان بالله ثم الاستقامة. لذلك قال الله سبحانه في كتابه الكريم {ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} هذا قول الله، الذين هادوا والنصارى والصابئون طالما أنهم آمنوا بالله واليوم الآخر فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون لأنهم في معية الله. ولكننا الآن نعيش تحت وطأة خطاب ديني لا يعرف السلام والحب والرحمة، الخطاب الديني الذي نرزح تحته لا يعرف الا القتل والدم والاكراه والارهاب، هو خطاب لا يعرف الاسلام، ولم يقترب منه قيد أنملة، وفي ظل هذا الخطاب الارهابي الذي تخفى تحت واجهة الجهاد، اذا بأصحاب هذا الفكر المتعسف ينشغلون بالآخرة قولا ولم يعملوا لها، فنحن أمة استعمرنا الله في الأرض ولم نعمرها، وأنزل لنا سورة الحديد، فلم نتقن صنع الحديد، عرفنا ان النظافة من الايمان فلم نقم تلك الشعبة في حياتنا، نهانا الله عن الكذب فكذبنا، ونهانا عن النفاق فنافقنا، قال لنا في كتابه الكريم {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} فقلنا ولم نفعل، ثم اذا بأصحاب الخطاب التكفيري بدلا من ان يسعوا الى العمل الاصلاحي والارتقاء بأخلاق الناس ومشاعرهم، اذا بهم يأمرون الناس بالبر ونسوا أنفسهم، جعلوا كل فقههم حرمان خلق الله من رحمة الله، فجعلوا الجنة لهم وحدهم، وفعلوا ما نهانا الله عنه عندما أعلمنا بخبر الأمم التي سبقتنا بقوله {وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم}. أنتم يا أصحاب خطاب الاسلام السياسي التكفيري أصابتكم الأمراض فكنتم سببا في تذيلنا الأمم، ونشرتم الفرقة والخلاف في كل مكان وتحزبتم، أخذتم من اجتهادات السابقين ولم تجتهدوا لأنفسكم، أوقفتم آلة الاجتهاد، كل قولكم أخذتموه من فقهاء ماتوا منذ أكثر من ألف عام، فأصبحنا نفكر بعقول الموتى، هم اجتهدوا لزمنهم ومكانهم، ولم يجتهدوا لنا، بل هم لم يعرفوا ما الذي حدث لنا، فكيف نستخرج من كتبهم ما يعالج مستجداتنا. فتنة عصركم أيها الناس هي توسيع دائرة التكفير، واضمحلال التفكير، والتمسك بالفروع، واهدار الأصول، أنتم أمة «اقرأ» ولا تقرأون، وأمة «اعملوا» ولا تعملون، وأمة «يسروا» ولا تيسرون، وأمة عمروا ولا تعمرون، وأمة اجتهدوا ولا تجتهدون، وأمة ارحموا ولا ترحمون، وأمة لا تكذبوا وتكذبون، وأمة أتقنوا ولا تتقنون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون.