مكة أون لاين - السعودية تسريب الوثائق الرسمية السرية ظاهرة مزعجة، وليست جديدة، فقد بدأت منذ سنوات، لكنها لم تجد ردعا حاسما فاستشرت، وأصبح من المعتاد أن تسرب هذه الوثائق إلى مواقع التواصل الاجتماعي بصورة عادية وكأن الأمر لا غبار عليه. نظام الجرائم المعلوماتية ومنذ بدأ تطبيقه، حجم كثيرا من التجاوزات التي كانت تحدث بحق الأفراد الذين تعرض بعضهم للشتائم أو الاتهامات أو غيرها من الإساءات، ومنذ أن تعرض أكثر من شخص للمساءلة والمحاسبة والمحاكمة، بدأ كثيرون من أولئك الشتامين مراجعة حساباتهم خوفا من العقاب، فالذي لا يردعه ضميره وأخلاقه ودينه يجب أن يوجد قانون يردعه، ويكف شره عن خلق الله. تسريب الوثائق له نظام رادع كما قرأت الأسبوع الماضي، لكني لا أدري إن كان دخل حيز التطبيق أم لا، لأنه لو كان مطبقا لما استمر تجرؤ مسربي الوثائق في غيهم، حيث سيجدون السجن والغرامات المالية في انتظارهم. هذا الأسبوع تسرب محضر تحقيق واعترافات المرأة التي سهلت قتل زوجها فيما عرف بجريمة المهدية بالرياض، كما تسرب مقطع يوتيوب للمرأة وهي تتحدث بالهاتف داخل سيارة الشرطة، ولا أدري ما هي مصلحة من سرب وثيقة الاعترافات، ومن صور وسرب مقطع المرأة المتهمة، وقد بادر أمير الرياض إلى التوجيه بمعاقبة من فعل ذلك، والمرجو أن يتم إعلان العقوبة التي ستتخذ، وإشهارها بين الناس لتكون رادعا لمن يفكر أن يفعل ذلك، سيما وأن وسائل التواصل تعج بصور ومقاطع لأناس أموات ومصابين في حوادث أو شجارات أو غيرها، وهناك أناس يمارسون هواياتهم في التصوير على وقع هذه المصائب، ولا بد من ردعهم بقوة النظام، سيما وأنه لا توجد أية صعوبة في الكشف والوصول إلى من يفعل ذلك مهما تخفى. هذا التسريب غير الواعي وغير الجائز مطلقا سبقته تسريبات مماثلة لمحاضر وصكوك وخطابات وصور وغيرها، وستتبعه أيضا تسريبات أخرى ما لم يشعر كل من بيده جهاز جوال أن هذا الجهاز قد يفضي به إلى السجن إن لم يحسن استخدامه ويحترم نفسه والآخرين. وسائل التقنية الحديثة جاءت لتقدم خدمات جليلة للإنسانية، لكن مع الأسف الشديد إن كثيرين منا استخدموها فيما يسيء للآخرين بصور متعددة، منها الشتم والاتهام وتسريب الأسرار والوثائق وصور المتهمين أو الضحايا الأحياء والأموات، ومع أن المأمول في مجتمع مسلم كمجتمعنا، أن يكون الدين والأخلاق والضمير روادع قوية، إلا أن الواضح أنه بدون نظام رادع فلن يكف السفهاء والمتطاولون ومتصيدو الهفوات والأسرار. النظام الحازم مطلب حضاري لضبط هذه الأمور وهو مفتاح أكيد لبوابة الوعي مستقبلا.