CNN بالعربية إذا قيمنا الربيع العربي الذي خاضته عدد من الدول في الشرق الأوسط، نلاحظ أن سوريا ستحصل على تقييم "فاشل" ومصر ستحصل على تقييم "متعثرة بشدة" وليبيا في "فوضى." إلا أن هناك بصيص أمل في الربيع العربي يتمثل في "تونس" التي تعتبر مهد انطلاق هذه الثورات الشعبية، إلا أن السؤال هو: ما الذي تميزت فيه تونس عن باقي الدول؟ ما التوجه الصحيح الذي قامت به ولن تقم به دول أخرى؟ بالعودة إلى التاريخ نرى أن تونس كانت مختلفة عن مصر وباقي دول المنطقة منذ قرون، حيث أنها كانت أول دولة عربية تسن دستورا حديثا في العام 1861، إلى جانب تطويرها لمؤسسات مدنية أكثر قوة من نظيراتها من دول المنطقة وبالأخص فيما يتعلق بحقوق الإنسان، إلى جانب كون نحو خمس الميزانية الوطنية مخصص للتعليم. في الوقت الذي تقطّع فيه النزاعات الطائفية كلا من سوريا والعراق، بين السنة والشيعة، يبرز التجانس في التركيبة السكانية لتونس، حيث أن 98 في المائة من السكان ينتمون إلى الطائفة السنية. بالنسبة للجيش التونسي، فإنه بقي بعيدا عن السياسية، على عكس ما حصل في مصر حيث أن الجيش المصري يسيطر على ما بين عشرة إلى 40 في المائة من الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أن آخر خمسة رؤساء لمصر قدموا من الجيش، والرئيس الوحيد الذي لم يأت من الجيش، وهو محمد مرسي، انقلب عليه الجيش. من الأمور البارزة الأخرى التي أدت لنجاح التجربة التونسية، كانت بصيرة الزعماء التونسيين. قبل ثلاثة أعوام كان لتونس التوجه ذاته الذي تقصده مصر، حيث أن الدولتان صوتتا لصالح زعماء اسلاميين، كانت حركاتهم إما ممنوعة أو منفية أو تخضع لضغوط كبيرة من قبل الأنظمة السابقة، ولكن انظر إلى ما حصل بعد ذلك، في مصر عندما بدأت المظاهرات فإن الرئيس محمد مرسي، لم يقم بالتواصل معهم، الأمر الذي أدى إلى استخدام القوة للإطاحة به، أما في تونس فإن الحكومة قامت بالتنحي لحكومة أخرى مؤقتة.. نعم هذه هي الديمقراطية.. القيام بتنازلات مؤلمة. في مصر لم يقم الإسلاميون بهذه التنازلات، وأصروا على الدفع بدستور سيكون غير مقبول بالنسبة لليبراليين، وبالمقارنة مع تونس فإن الدستور تمت الموافقة عليه بصورة واسعة من قبل أغلبية الإسلاميين، في الوقت الذي يمنح فيه حقوقا متساوية للنساء والأقليات، ليعتبر بذلك أكثر الدساتير تطورا في العالم العربي. ما لفت الانتباه هو كلمة زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث قال: "كان لدينا خياران، إما أن نبقى في السلطة ونخسر الديمقراطية أو أن نكسب الديمقراطية ونتخلى عن السلطة." وهنا وقبل أن نلقى باللوم على الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب على عدم تقديم ما يكفي للعالم العربي.. لنتعلم من المثال التونسي أن القيادات المحلية هي المفتاح، وأن هذا الأمر لا يتوفر بكثرة في العالم العربي.