الرأي السعودي - السعودية عندما نعدد الأغراض الشعرية، التي نشأنا عليها، وتناقلتها الأجيال، نجد: الغزل، الفخر، المدح، الهجاء، الرثاء والحماسة، وأغراضاً أخرى لا يندرج تحتها قصيدة تسمى ب«الوطنية»، وبخاصة أننا نعني ما نقرأه ونسمعه من قصائد تحمل هذه الصفة خلال الأربعة عقود الأخيرة تقريباً، وتحتوي على شروط ثابتة، تصارع الشعر نفسه على خروج قصيدة رائعة، خالية من التكلف والصناعة والتركيب المتعمد وغير المقبول. قد يكون تشريح هذه القصيدة «الوطنية» أكثر أماناً للشعر، عندما نتناول كل بيت بمعزل عن الآخر، ما يجعلنا ننوه أيضاً بأن الوحدة الموضوعية فيها تعاني من «روماتيزم» مزمن، أتى بدافع بريء للتعبير بشيء تجاه الوطن، والناتج غالباً «عصيدة» لا تخلف وراءها سوى «تلبك» شعري! ربما لا تتضح الصورة أكثر، إلا بأن أقول: يا جماعة.. الوطن تربطنا به أرضاً، جذوراً، أهلاً، حكاماً، أصدقاء، وحياة بأكملها، وجميع ما سبق لا يستقيم إلا بعاطفة صلبة المعنى، لينة الجانب، ورحبة المدى، فكيف لشاعر لا يستطيع أن يعبّر عن عاطفته تجاه الوطن، ليكتب قصيدة عاطفية في حب الوطن، كما عبروا شعراء عدة بقيت قصائدهم معلقة على جدران القلب والذاكرة، بل وترافقنا ففي كل مكان، لنستحضر من خلالها الوطن بكل ما فيه، دون تصنع، تشتت، وشروط ثابتة لا تحرّك فينا شيئاً! كانت وما زالت ذاكرة مصر تتشكل في أشعار صلاح جاهين، أحمد فؤاد نجم، الأبنودي وسيد حجاب وغيرهم، وفي لبنان يستقيم الوطن بقصائد سعيد عقل وجوزيف حرب والرحابنة، حتى أن شعوبهم متى ما احتاجت إلى وحدة صف تغنت بكلماتهم، واستنهضت همتها بأغانيهم. وكم يجوع المواطن السعودي إلى كلمة تشبع وطنيته، ترتق جروح الوطن وتملأ فراغاته بكلمات حب تربأ عن اتهامات التزلف وتثبت بأن «وطني الحبيب ولا أحب سواه»، رغم الخلافات والاختلافات وطغيان المصالح. الوطن أبقى من أطماع المتناحرين، والشعر أسمى من «شرهات» المتسولين. قبل «انتهى»: إن مرمرت عيشتي واشتقت حاليها أزعل عليها.. لأن ما ينزعل منها