بوابة يناير - القاهرة يحكى أن في إحدى جمهوريات الموز، أن المشير قائد الجيوش خدعه خياط محتال يريد أن يفضحه أمام ضباطة وجنوده والشعب وأقنعه بأنه سيصنع له ثوبا سحريا عظيما لايرى جماله الا الضباط والجنود والمواطنون الشرفاء من الشعب بدلاً من هذا الثوب التقليدي الذي يرتديه كل الضباط والجنود، لأنه يجب أن يكون جماله براق.. فهو القائد.. اقتنع القائد بمهارة الخياط المحتال وخرج على ضباطة وجنوده وبعض من المواطنين الشرفاء الذين يحضرون دائماً كل ندوات التثقيف التي تجرى للضباط والجنود كل مرة كل شهر فقرر هذه المرة إرتداء الثوب الجديد.. وخرج عليهم عاريا تماما وقال لهم: انظروا ..ما رأيكم في هذا الثوب السحري الذى لايراه الا الضباط والجنود والمواطنون الشرفاء ..؟! بعض الضباط والجنود خافوا من غضب الرئيس فقالوا : هذا ثوب عظيم يا صاحب الفخامة. وبعض الضباط كانوا طامعين في ترقيات من المشير فقالوا : يا صاحب الفخامة لم نر في حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب. والمواطنون الشرفاء الجالسون في نهاية القاعة دخلوا في نوبة من التصفيق الشديد.. بعد أن قال لهم أحد الضباط حيوا القائد العظيم ولا تتكلموا أبداً فوسط هتاف المواطنين الذي كان يهذي بشكل هستيري، يمنعه من أن يرى القائد وهو يتبختر أمامهم عاريا كما خلقته أمه. وتوزع الناس بين خائف ابتلع لسانه، ومنافق رفع عقيرته بالتهليل والتمجيد للثوب العظيم. كان هناك طفل صغير يجلس مع أبيه الذي يهذي في نهاية القاعة قال ببراءة : أين هو الثوب الذى تتحدثون عنه . اني أرى المشير عارياً. حاول الضباط اسكات الطفل بأي طريقة . لكزوه ووبخوه وهددوه لكنه ظل يصيح : انى أرى القائد عارياً. عندئذ ضربوه وأخرجوه هو وأباه من القاعة حتى يخلو لهم الجو مع الجو. هذه الحكاية التى تناقلتها كتب التراث تحمل معان كثيرة . فالضباط والجنود والمواطنون الشرفاء الذين يخافون من بطش المشير أو يطمعون في ترقيات يتظاهرون بأنهم يرون ثوبا وهميا ويتجاهلون الحقيقة الساطعة : أن القائد عار. أما الطفل البريء فهو لا يريد شيئا ولا يخاف من شيء لذلك يقول الحقيقة التي لم يقولها ضباطه ولا جنوده ولا مواطنوه ولا الذين عيّنهم وأجلسهم بجوار كرسىي قيادته يتملقونه ويبررون له السحل والقتل والسجن لمعارضي النظام الذي هو قائد جيشه ويقول له مالم يسمعه من بطانته التى تنافقه وتمتدحه وتصعد به إلى مصاف الأبرار المقدسين ولا تنطق إلا بآيات شكره وحمده على مناصبهم ونفوذهم وأموالهم ، ويقول له مالم يقرأه من كتبته ومداحيه، ويظل مخلصا لها حتى النهاية مهما يكن الثمن. المشير أو الفريق أول لا أعلم حقاً ما هي رتبته الحالية.. حيث خرج علينا الإعلام أمس يقول بأن الرئيس المؤقت «عدلي منصور» قد أصدر مرسوماً بترقية «عبد الفتاح السيسي» إلى رتبة المشير وإذ بالشعب يفاجأ ببيانٍ يصدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدها بساعات يُذكر فيه اسم «عبد الفتاح السيسي» خمس مرات بوصفه «الفريق أول».. ولا أعلم هل هذا سهواً أم أن البيان كان قد كُتب مسبقاً وظل حبيس الأدراج لفترة.. ثم خرج من يقول في الإعلام بعدها ان الترقية سوف تفعل في فبراير أي بعد أيام معدودات. المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكما ورد في بيانه قرر الإستجابة لرغبات الجماهير الجارفة وأمانيها وأعطى للسيسي الترحيب والمواففة الكاملة إذا قرر الترشح.. والأسئلة هنا إلى المجلس العسكري؛ أين رأيتم رغبة جماهير الشعب الجارفة التي زحفت على بطونها كي يترشح عبد الفتاح السيسي؟ إذا كنتم تقصدون نزول الملايين يوم التفويض؛ فهذا يعني أنكم إستغليتم تلبية الشعب لرغبة نائب رئيس الوزراء للأمن ووزير الدفاع وطلبه بأخذ الموافقة من الشعب بمحاربة الإرهاب لإلتقاط صورة زائفة لإيهام أنفسكم بها وإيهام الرأي العام بأنهم قد نزلوا من أجل سواد أعين وزيركم.. رغم أن محاربة الإرهاب الذي لا يحتاج موافقة من أحد بل هو واجب بحكم القانون المصري والدولي.. وهذه الموافقة لن تحول بينه وبين المسؤولية الجنائية إذا كان قد إستخدمها في غير محلها. وأما إن كنتم تقصدون نزول 38٪ من المصريين للإستفتاء وموافقة 98٪ عليه ورجاء القوات المسلحة في شخص السيسي للشعب كله بالنزول وهو لم يحدث ولم يحدث حتى نزول معظم الشعب أو نصفه أملاً في إستكمال خارطة الطريق .. فهذا يعني أنكم تستهترون بقيمة الدستور وتضعون قيمة شخص في مرتبة أعلى منه وكأن الدستور كتاباً فلكلورياً لا قيمة له إذا ما طلب السيسي النزول للتصويت عليه. وأما إذا كنتم تقصدون بهذا نزول الشعب في العيد الأهم عند المصريين في العصر الحديث في 25 يناير الماضي.. هذا يعني أنكم لصوص مراسم ليست من حقكم، لأنكم قررتم بقاء من يحمل صوره في الميادين وحاربتم من لم يحملها في مسيراتهم.. وإذا كان هذا العدد كافياً فهل لو طلب عدد أكبر من هذا في الشارع الإحتشاد لعدم نزوله هل ستسحبون الموافقة، وهل سيحصلون على تصريح بالإحتشاد أصلاً!! أما إن كنتم تقصدون صفحات «الفيسبوك» التي تطالب به رئيساً.. فمن الأولى أن ترشحوه «أدمن» محتمل لهذه الصفحات. عليكم أن ترفعوا برقع الحياء وتقولونها صريحة للمصريين: «نحن العسكر نريد أن نسترد حكم مصر.. وأن أي رئيس غيره لن يكون مرغوباً فيه» أما أنت يا «عبد الفتاح السيسي».. إذا استمريت في المضي قدماً تجاه هلاكك.. هل ستقبل أن تستمع لطفل كهذا الذي سأل قائد الجيوش في جمهوريات الموز لأن هذا الطفل من نابع أنه ليس له مصلحة معك أو حولك ؟ وإذا قبلت سماع الأسئلة.. كيف ستجيب على الأسئلة التالية إذا ما سألك إياها: - ماذا فعلت أنت أكثر مما فعله «طنطاوي» للشعب والذي كان يشغل نفس موقعك من تلبية أوامره بإسقاط النظام ولم يفكر في الترشح ولم يتبنى للجيش ممثلاً في الإنتخابات الماضية،كي تفعلها أنت بنفسك وترشح نفسك؟ - لماذا إختارك «محمد مرسي» وزيراً للدفاع ورقّاك رتبتين معاً.. أهو بسبب أنك أفضل من الذين هم أكبر منك.. أم أنك خدعته بكلامك المعسول.. أم أن هناك إتفاق ما كان قد دار ولا نعرفه؟ - هل إذا قامت ثورة على أي نظام، يعني أن وزير الدفاع الذي قُدر له مكانه وقتها وقرر تلبية رغبة الشعب، يصبح هو مرشح الجيش للرئاسة.. هل تستن سُنن ثورية جديدة؟ - ماذا لديك سوى أنك ضابط مخابرات في معظم فترات عملك.. ولم نعلم عن إنجازاتك التي هي بالطبع سرية شيئا.. ولم يكن لك بالطبع نضال يوماً ضد الفساد والإستبداد الذي كنت ضابطاً تنمو وتترعرع وكل من حولك في النظام فاسدون؟ - لماذا تراجعت عن تعهداتك في كثير من المناسبات كان أهمها في يوم إعلان عزل «محمد مرسي» بعدم الترشح لا أنت ولا أحداً من القادة الحاليين للرئاسة مهما حدث.. رغم أنه لم يحدث جديد من الأساس؟ - لماذا إستغليت ألة أجهزة الدولة الأمنية والإعلامية في توجيه قطاع من الشعب على أنك المرشح المُخلص.. كما لم يستخدمها أحد من قبل؟ - لماذا لا تريد لمصر مرشحاً مدنياً، أم أنك ترى أن مجرد الإستقالة المفروضة عليك شريطة الترشح تجعلك مرشحا مدنيا وليس عسكريا؟ - لماذا تصر على أن يكتب التاريخ أن ما حدث في 30 يونيو إنقلاب عسكري.. رغم أنها ثورة تريد أن تنقض عليها؟ - لماذا تفرض على مصر إنتخابات ليست نزيهة بوجودك.. لأن أجهزة الدولة جميعها تسبح بحمدك وحدك منذ سبعة أشهر؟ - لماذا تريد ثمناً باهظاً ليس من حقك لأدائك الواجب العسكري وهو الإنصياع لأوامر الشعب في خلع رئيسة.. رغم أنك تعلم أنه لم يكن لديك خياراً أخرا.. وإلا ستكون معه؟ - لماذا لا تريد أن تدخل التاريخ من أجل ثمنٍ بخسٍ من السلطة؟ - لماذا لم تتعلم من التاريخ القريب أن بداية سقوط الحكام خياهة العهود؟ عزيزي القاريء.. هل ترى أن «عبد الفتاح السيسي» يستطيع أن يجيب على الطفل البريء صاحب الأسئلة المشروعة أم أنه لا يرى مثل هؤلاء وأصبحت بطانته هي كل ما تعنيه؟