الرأي السعودي - السعودية (نحن مجتمع متديّن)، (مخافة الله)، وغيرها من العبارات التي يتم تداولها بشكل يومي تقريباً في وسائل إعلامنا ومجالسنا وأحاديثنا الخاصة، لنضع طوق نجاة من الإعتراف بأننا نتلبس الدين، ونتلمس حدوده من الخارج، وكلما (تفاجأنا) بمشكلة أو فضيحة، أرجعناها لغياب الوازع الديني لدى الأشخاص،وبدأ البعض في ترديد اسطوانة غياب الوازع الديني، وكيف السبيل لغرس الوازع الديني وإحياء ذكر الله في القلوب لتستقيم المجتمعات، وتختفي المعاصي ونتجنب المحرمات، ونتيجة ذلك نمسي (من أجمل ما يكون)! تجد مثل هذه الأصوات التي تمارس (الإبتزاز العاطفي) و(تسطيح المشاكل) ببيع وتسويق الوهم المسمى (الوازع الديني) كحل جذري ونهائي للفساد (الدخيل على مجتمعنا) أو (الخارج عن عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا)، ومع ذلك تجد العديد منا يتصرفون علناً بشكل مثالي ويرددون ذات الشعارات وإن آمنوا بدواخلهم عكس ذلك، مخافة مخالفة (الرأي الجمعي) القائل بأهمية الوازع الديني وأولويته، متناسين بأن هذه الخرافة التي تم تقديسها وتفخيمها طويلاً وكثيراً، تناقض أبجديات الأديان السماوية، حيث هناك الثواب والعقاب سواء في الآخرة أو في الحياة الدنيا، فالله جل جلاله لم يخلق الجنة وحدها لتكون جائزة (الوازع الديني) ومن لم يملكه لا يدخلها، بل هناك نارٌ للمخالفين، وفي الإسلام كما الأديان السماوية هناك العقوبات الدنيوية (الحدود الشرعية)، إضافة إلى العقوبات الإجتماعية في كل المجتمعات عبر التاريخ، بدءً من النبذ الإجتماعي (النفي) مروراً بالعقوبات التعزيرية. الدعاة لهذه الخرافة غالباً ما يكونون ضد الوازع المدني، أو يحاولون تحجيمه، نظراً لأنه ينسف كثيراً مما ينظّرون به، فالمجتمعات الإنسانية لا توجد بها مدينة فاضلة منذ آدم عليه السلام إلى اليوم، ولن تكون، ولذلك وجدت مساحة كبيرة للمجتمع المدني ليقوم بوضع الوازع (المدني) و(الأخلاقي) دون أن ترتبط بالدين، وبمقارنة لواقع حياة الصحابة في المدينةالمنورة فيعهد الرسول صلى الله عليه سلم نجد اختلافاً عن كيفية بناء مجتمع مدني متحضر عمّا نحن فيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، والخوف من العقوبة المدنية أوالإلتزام بالنظام هو المحرك الأكبر للمواطن الفرد، عوضاً عن التباكي على شيء هلامي لا يمكن الإرتكان إليه!