مال - السعودية تتفق المنظومات العالمية الرائدة، أن العنصر البشري يعد أهم الموارد، وأثمنها على الإطلاق، لا سيّما إذا كان هذا العنصر مسلحاً بالمعرفة، ومؤهلاً تأهيلاً سليماً، ينمي قدراته، ويفتق إمكاناته، ويطلق طاقاته. والتدريب أثناء الخدمة أحد جوانب الاهتمام، وأهم ركائز النمو، والتطور، في جميع الوظائف، والمهن؛ ولكنه لمهنة التعليم أشد ضرورة، وأهم جانبا؛ ذلك لأن المعلم وهو يواجه مطالب المتغيرات المجتمعية، (الاقتصادية والثقافية) أضحى في حاجة ماسة لمواصلة إعداده، في جميع الجوانب الشخصية، والمهنية، والمعرفية، حتى لا تزداد الفجوة بين جيله، وجيل تلاميذه؛ وليكتسب أفاقاً جديدة تمكنه من التكيف مع عمله، ومواجهة الصعوبات التي تقابله، وتحفز قدراته على التفكير المبدع والخلاق، وتحسن إنتاجيته؛ بما يواكب الانفجار المعرفي، وتطور مفهوم التربية، وتغير دور المعلم في العملية التعليمية الحديثة. ولا نظن أننا نجاوز الحقيقة، إذا ما أرجعنا النسبة العظمى من الأحوال السيئة، والأوضاع المتردية، و الظواهر السلبية، التي تسود مجتمعنا اليوم إلى قصور التعليم؛ ذلك أنه يمثل القلب المغذي للوطن، فإذا صلح التعليم، صلح الوطن كله، وإذا فسد، فسد الوطن كله. والتدريب التربوي بوصفه شريك فاعل في منظومتنا التعليمية، يتحمل جزأ من هذا الإخفاق، حيث أنه لم يستطع خلال العقود الماضية، أن يحدث فرقا يذكر؛ ولعل هذا يعود إلى المركزية السائدة، والنمطية التقليدية في برامجه، وكوادره، إضافة إلى ضعف الدافعية لدى المتدربين؛ للإحباط، والضغوط العملية المتزايدة، ولانعدام الحوافز المادية، والمعنوية، ولإدراك المعلم أنه تكرار لما لديه، وأنه تدريب شكلي، ورمزي ليس إلا... وهنا تبرز ضرورة الارتقاء به، وتطوير برامجه، والإفادة من التقنية الحديثة بالتدريب الالكتروني الفعال، والذي أراه قادرا على حل الكثير من إشكاليات التدريب التربوي الحالية، حيث يمتاز بالمرونة، والكفاءة، والشمولية، والاستيعابية، والتفاعلية، والإيجابية، وهو قادر على تجاوز حدود المكان والزمان، وموفر للجهد والمال، ومساير لروح العصر المتسارعة معرفيا وتقنيا... ولكي يكون ذا أثر إيجابي ملحوظ على الميدان التربوي، فلا بد من ارتباطه بالحوافز المادية المجزية، والمعنوية المحفزة؛ وهو ما قرره علماء النفس، وباحثو السلوك الإداري، بأن الحوافز تمثل "أهم المتغيرات المستقلة اﻻيجابية في الدافعية للعمل" كما أنها توقظ الحماسة، والرغبة في الاستزادة من هذا المنهل، وترتبط به؛ مما يحقق الإنتاجية، والرضا، والانتماء تجاه المؤسسة التعليمية. فما أجمل أن ننطلق بالإحسان إلى باني الأجيال وصانع المستقبل! "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".