الوطن - الكويت دعونا نتفق على أن المصريين «زهقوا» و«قلقوا» و«ضجّوا» من التدخل في شؤونهم، وانتخاباتهم واستفتاءاتهم.. ورئاستهم، من كل من «هبّ ودبّ»، مرة باسم الوطنية، ومرة باسم الشرعية، ومرة باسم الوحدة، ومرة باسم الدين.. وهذه الأخيرة هي التي أدخلتنا في حيص بيص، فالمصريون بطبعهم – مسلمين ومسيحيين – جبلوا على التديّن، وطاعة كل من يتحدّث باسم الدين، ويبدأ كلامه بالبسملة أو قال الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم يواصل بجمل من عندياته ولتحقيق مآربه. رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (منصب تقشعرّ لذكره الأبدان احتراماً وتوقيراً) الداعية الإخواني البارز د.يوسف القرضاوي دعا الى مقاطعة الاستفتاء على الدستور المصري، ووصفه بأنه «محرّم شرعاً»!! أي والله «محرّم شرعاً».. لماذا؟ يقول العالم الجليل المصري الأصل القطري الجنسية: «أنا أرى أن المشاركة في الاستفتاء على الدستور والمساهمة في أي عمل يقوّي هذه السلطة الانقلابية يعدّ من التعاون على الإثم والعدوان، وهو عمل محرّم شرعاً».. وعكس القرضاوي تماماً يرى العالم الإسلامي الفاضل د.علوي أمين أستاذ مادة الفقه الإسلامي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر (وهو قامة وقيمة تستحق الاحترام والتقدير) يؤكد ان من يرفضون المشاركة في الاستفتاء «آثمون»، وذلك من منطلق أن المشاركة شهادة ومن يكتمها آثم قلبه، وقد ارتكب «معصية». هذا إضافة الى «الخناقة» الإخوانية – السلفية، العابرة لحدود مصر والتي شارك فيها «دعاة» من دول الخليج العربي، كان أبرزهم د.عجيل النشمي (رئيس رابطة علماء الشريعة في دول الخليج – وخرّيج الأزهر) – أيضاً منصب «مهول» - والذي أفتى بأن (من أزاح مرسي) خارج يجب ضرب عنقه (هكذا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله)، .. ليرد عليه ثلة فاضلة من علماء الخليج هم حاي الحاي وخالد السلطان وعبدالله الهدلق وكثيرون ممن يكتبون في الشأن الإسلامي. وكان أكثرهم وضوحاً حاي الحاي الذي أكد ان السيسي هو الآن الحاكم الشرعي لمصر، ودعا الإخوان الى مبايعته والدخول في طاعته، مؤكداً ان «الإخوان هم سبب سفك الدماء»! أما على الجانب المسيحي فقد دعا البابا تواضروس شعب الكنيسة الى التصويت ب«نعم» مؤكداً ان «نعم تعطي بركات ونعماً كثيرة». .. يا سادة يا كرام، أحد «الدعاة» ادّعى أيام اعتصام رابعة أن جبريل عليه السلام «نزل» لتأييد المعتصمين!! وداعية آخر خطب في الناس أنه شهد رؤية، أخذ فيها الرسول بيد مرسي ليؤم المسلمين في الصلاة بمن فيهم الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، والداعية محمد حسين يعقوب دعا للتصويت بنعم على دستور 2012، وقال إن «غزوة الصناديق» قالت «نعم.. للدين». .. شعب مصر العظيم.. يستطيع بفطرته أن يميّز «الطيب» من الخبيث، ويفرّق بين الدعاة الحقيقيين وتجار الدين، .. وبين علماء الدين و«الإسلامجية» الذين يتخذون عباءة الدين «سبوبة» و«مصلحة» والعياذ بالله.. وفي الأربعينات عندما ظهر بعض رجال الدين «المعممين»، الذين يمالئون السلطان، و«يفصلون» الفتاوى حسب رؤيته السياسية، واحتياجات استتباب ملكه كان المصريون البسطاء.. الأميون «يزفّونهم» في شوارع المحروسة بأهازيج شعبية أشهرها: «شد العِمة شد.. تحت العِمة قرد وشيل العمة شيل.. تحت العِمة فيل وحط العِمة حط.. تحت العمة قط» .. فنرجوكم ارحموا المصريين من فتاواكم.. وارحموا «دين أبونا» من سياستكم ومصالحكم! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66