مال - السعودية لا أظن كاتباً و لا صحيفة خلت كتاباتهما من كلمة (الإسكان) في السنوات الخمس الماضية منذ تأسيسها (هيئة) ثم (وزارة). ذاك أمر طبيعي لأن هم الإسكان يسكن كل بيت. حتى من يملك سكنا يقلقه سكن أولاده من بعده. فإن احتلت السعودية بمساحة مليوني كيلو متر مربع المرتبة الثانية عشرة بين 214 دولة، أي أكثر من دول أوروبا الغربية مجتمعة و مضافا لها كوريا و اليابان اللاتي يسكنها 415 مليونا مقابل 30 مليونا بالمملكة، 22 مليون منهم سعوديون، نصفهم لا يملك سكناً، فكيف نشكو شح الأراضي ؟!! ليس ذاك فحسب. بل تُعزى الأزمة لأسباب إضافية منها ارتفاع أسعار الأراضي لغياب الأنظمة واللوائح التي تحمي سوق العقار من عبث محتكريه و مضاربيه، لتصل نسبة الأراضي البيضاء 15% داخل المدن الرئيسية، بينما يجزم خبراء أنها تفوق 40%. إضافة إلى قصور معظم المطورين العقاريين و الملَاك، ناهيك عن المساهمات العقارية المتعثرة..إلخ. من غير المعقول أن يشكل سعر الأرض 80% من قيمة المسكن ! والمعيار الدولي أقل من 35%. أضرَت أزمة الاسكان باستقرار المواطن اجتماعياً ونفسياً فالمسكن هو منبع شعور أمان الإنسان، ليشتدَ ألمه كلما مرَ بأرض مسورة بالطمع أو مشبكة بالجشع لا يسكنها إنس ولا جان. لكن أتت حزمة قررات ملكية في ربيع 1432ه منها تحويل الهيئة إلى وزارة للإسكان محمَلة ب 250 مليار ريال لتيسير تملَك الأسرة السعودية مسكنا كريما. جاءت الآن آلية استحقاق حرصت على تحقيق عدالة وشفافية في تحديد الأولوية، فالقرعة والأسبقية ليس هذا مكانهما، كما جاءت شروط الاستحقاق منسجمة مع قيم مجتمع يولي كبار السن والأرامل والمطلقات وذوي الاحتياجات الخاصة رعايته، لكنها تحتاج مزيداً من التطوير. فأن تُقبل السعودية المتزوجة أجنبياً فهذا حق نتفق عليه، لكن ماذا عن شقيقتها التي مضى بها العمر و لم تتزوج و ربما كانت العائل الوحيد لأبويها ؟ أليست هذه أسرة سعودية تستوجب الإنصاف ؟ لئن خرجت الوزارة ب 17,188 ألف وحدة، و 27 مليون متر مربع مساحة مطورة لاستيعاب 46 ألف وحدة، و الرقم المستهدف عند إنشائها نصف مليون وحدة سكنية. و لئن حرصت على المساواة و الشفافية، فإن ما يترقبه المواطن هو أن يطرق بابَه يوماً قائلٌ : "صباح الخير يا مواطن .. أنا شويش الضويحي .. أمرني الملك أن أسلمك مفاتيح سكنك .. تفضل". فمتى ؟ إن غداً لناظره قريب.