الوطن - السعودية أنت أيها الصحفي المخضرم، يا من قضيت جل حياتك بين غرف التحرير وحبر المطابع، هل كنت تتخيل أن يأتي اليوم وتعرف خبرا حدث قبل قليل في تبوك أو جازان من صديقك الذي يجلس إلى جوارك الآن، أو عبر رسالة "واتس أب" من رقم يحمل اسم "ست الحبايب" أو "أم سعود"، أختك التي تعيش في الدمام؟ بالطبع سيكون جوابك لا، تقولها وأنت تستذكر وقائع من هذا القبيل، وتجدها أصبحت كثيرة وتتكاثر. حسنا، هل فكرت في أهميتك التي بدأت تفقدها كمصدر للأخبار في مجتمعك، وهل تتوقع أن يأتي اليوم الذي تكون فيه صفرا على الشمال وربما تفقد وظيفتك أو يتم الاستغناء عنك؟ دعك من هذه الأسئلة وأجب هنا كمتخصص وخبير، هل تعتقد أن سرعة انتقال الخبر أفقدت الخبر نفسه أهميته وقوته، كونه صار متاحا للجميع؟ وهل تظن أن هؤلاء الذين يتناقلون الأخبار قبل أن تصل إليك، يكتفون بما جاء من معلومات في هذه الأخبار أم يرغبون في الحصول على المزيد من التفاصيل المملة، التي تنوي إضافتها إلى ما تكتبه الآن؟ فكر في هذه الأسئلة وأضف عليها التالي: كيف تنظر لصحيفة إلكترونية نشرت للتو خبرا عن لمى الروقي، أنت تنوي نشره في اليوم التالي بنفس العنوان تقريبا؟ ألا تعتقد أن إدارة التحرير في صحيفتك العريقة تمارس نوعا من الإجحاف بحقك، وهي ترفض نشر الخبر الذي كتبته قبل قليل، ليكون ضمن أخبار طبعتها الورقية غدا؟ ما الذي يحدث يا زميلي العزيز؟ أنا لا أحمل إجابات شافية عن هذه الأسئلة، وكل ما أعرفه أنها أسئلة مشروعة، ويجب أن تطرح للمداولة والنقاش. وما يبعث على الارتياح في كل هذه التعقيدات المستجدة أن هذا الوضع ليس مقصورا عليك، فالصحفي في كل مكان في العالم يعاني مثلك تماما، والفرق أن الهيئات والمؤسسات الصحفية العالمية تنظم المؤتمرات تلو المؤتمرات لمناقشة ذلك، فيما أنت ومؤسستك وهيئتك ذات المبنى الضخم، نائمون في العسل، يا عسل.