اليوم، يندر أن تطالع صحيفة سيارة أو تفتح على منتدى إلكتروني دون أن تجد أخبارا وتعليقات عن مكافحة الفساد تتصدر العناوين. هذا الانفجار حصل بعد أن قام الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز بتحرير هذه الكلمة من قيود الرقابة. قبل ذلك لم تكن هذه المفردة قابلة للتداول حتى مع موظف من الدرجة الثالثة أو قسم للأرشيف في أصغر مصلحة حكومية، فما بالك وهو يطرح اليوم في الصحافة والفضائيات ويمس مؤسسات ومرافق وسلطات رئيسية كان مجرد الحديث فيها عن الدوام يعد فعلا مربكا ومزعجا. اليوم، الحرب على أي شيء يبدأ بحرية الكلمة، وهي حرية يفترض أن تكون مسؤولة، وهو أمر لن يحدث ما لم يتم عمل لوائح قانونية وتشريعية، كما هو الحال في كل دول العالم، فليس كل ما يطرح عن الفساد حقيقة، وليس كل المسكوت عنه خارج طائلة الفساد. بعد صمت مطبق استمر أربعة عقود، ها هي النتيجة هياج إعلامي متوحش وسيل عرمرم من الكتابات والتعليقات الساخرة، وكلها تدور حول عبارة واحدة لا تتجاوز أربعة حروف أحدثت ضررا بالغا للفرد السعودي على كل صعيد، وساهمت في تخفيض موجوداته ودخله بما لا يقل عن الضعفين. الرهاب الاجتماعي الذي ترتب على تحرير هذه الكلمة من قيودها هو اللاعب الرئيس حاليا في الميدان، متجاوزا بذلك دور الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تسير خلفه وتحت ضغوطه لأنها لم تستعد لهذه المرحلة. هذا الغليان الذي يأتي بعد صمت أعطت الحكومة فرصة لتحضيره على نار ليست هادئة، ورغم كل ما فيه من كيل اتهامات قاسية وقذف يتطاير شرره لا يستثنى منه أحد، إلا أنه سوق كبير كل يعرض فيها بضاعته، والسوق كفيل بتصحيح في نهاية المطاف.