قبل فترة تواصل معي احد الاخوان من الهيئة العامة للاستثمار بخصوص مقال سابق ومن عاداتنا ان لا نكتب عن موضوع حتى نرى ونسمع من الطرف الآخر لكن للأسف رغم محاولتنا ايجاد موعد يرضي الطرفين لكي نسمع ونتبادل النقاش الا اننا لم نوفق. وأكون صريحا قلت في نفسي دعونا نحكم على الاشياء من خلال الزمن لعل شيئاً يتغير او نسمع اخبارا تسر عن الهيئة لذلك أجلت كتابة هذا المقال لفترة لكن الان وجب تقييم الوضع بصراحة وموضوعية. بدون مقدمات وضع الهيئة الحالية لا يسر ولن تتقدم خطوة للإمام اذا بقيت الحال على ما هي عليه. قد يقول قائل إن الهيئة عانت في بدايتها من مشاكل ووقعت أخطاء والآن يتم تلافي وتعديل سلبيات ما اصطلح على تسميته (باستثمار الفلافل!) ونحن على اطلاع كامل على ما حدث ولكن دعونا لا نتكلم بالماضي فالوضع كان بالسالب والآن رجعنا الى نقطة الصفر لكن لم نتقدم للأمام ! الهيئة لن تستطيع ان تقوم بواجباتها الا اذا تغيرت تغييرا جذريا وتغيرت هيكليتها وصلاحياتها! ولتحقيق ذلك هناك عدة خطوات: اولا :الهيئة يجب ان تملك ذراعا استثمارية لتشجيع الاستثمار الأجنبي البناء عالي التقنية والقيمة! مهما حاولت الهيئة ومهما قدمت تسهيلات فلن يتغير الوضع! حاورنا المستثمرين الأجانب في كثير من الاجتماعات واللقاءات فوجدنا ان هناك قناعة راسخة لديهم ان الشركات الكبرى المتقدمة لن تدخل السوق بقوة الا بوجود مشاريع مشتركة مع الحكومة (JV) وكمثال : لماذا سابك وأرامكو تتسابق الشركات العالمية لمشاركتهما؟ لان الشركات العالمية اطمأنت انها شاركت الحكومة لذلك لن تواجه عقبات او مشاكل . خصوصا ان طبيعة مجتمعنا لا تناسب كثيرا من عادات الاخرين. لدينا حوالي 750 مليار دولار احتياطيات لو استثمرنا 5٪ لكي ننشئ مشاريع مشتركة مع الشركات العالمية لتغير الوضع كليا. ثانيا: الاستفادة من نظام offset الحالي في الصفقات الكبرى للمملكة. فالحكومة تقوم بصفقات جبارة يتبعها أوفست بمليارات الدولارات لماذا لا تكون هيئة الاستثمار لاعبا أساسيا في برامج الاوفست؟ شركات الاوفست الحالية وصلت الى حدها إذن لماذا لا تنشئ شركات كبرى جديدة ولدينا مثال واضح وناجح جداً وهي شركة مبادلة، وشركة توازن في الامارات قامت بتوطين احدث ما توصل له العالم في الطيران والأنظمة الدفاعية والآن تصنع قطع غيار لأحدث الطائرات وبدأت بإنتاج طائرات بنفسها. ثالثا : انشاء فرع للتحكيم التجاري الدولي في الهيئة او احد مدنها لان الشركات متخوفة ومترددة جداً في ما يخص هذا الموضوع . رابعا : اتخاذ خطوات ملموسة وفعالة وسريعة لحل مسألة المدن الاقتصادية المتعثرة . كمثال مدينة حائل الاقتصادية التي ضرب الصدأ لوحتها والتي كان من المفروض انه في هذا العام بعد 7 سنوات من وضع حجر أساسها ان نرى بعض مصانعها وشركاتها بينما هي الان صحراء قاحلة لم يوضع فيها حجر واحد واصبحت مراحا للإبل !. معالي المهندس عبداللطيف العثمان انت رجل معروف بنجاحاتك ونظافة يدك في ارامكو وتفاءلنا خيرا بقدومك لهيئة الاستثمار لكن الحلول لمشاكلها توجد في وزارة المالية والمجلس الاقتصادي الاعلى وليس في مكان آخر!. فإما تعطى هيئة الاستثمار الصلاحيات على شركات كسنابل مثلا او تنشئ شركة جديدة وذراعا استثمارية بدعم من صندوق الاستثمارات العامة تكون تحت تحكم الهيئة العامة للاستثمار لإدارة مشاريع JV ونحن كلنا ثقة ان اكبر شركات العالم ستتسابق لمشاركتكم وبناء مصانعها عالية التقنية في البلد. *مما قيل هذا الاسبوع : أخيرا سمعنا أخبارا جميلة عن المؤسسة العامة للخطوط الحديدية (وحتى لا يقال إننا فقط ننظر للجوانب السلبية) فخطة انشاء خط حديدي عالي السرعة 330كلم/ ساعة بين الرياض والدمام بدون مبالغة من اسعد اخبار السنة ! ومن واقع تجربة لأني استخدم قطارات الطلقة (الشنكانسن) وTGV بشكل دوري فأشعر بفوائدها العظيمة واعتقد ان الخط المزمع إنشاؤه سيغير وجه البلد بشكل كبير وإن شاء الله ستشاهدون ذلك بأعينكم.