الشروق -القاهرة إزاء القمع المتصاعد والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والحريات التى تورط بها النظم الشمولية والسلطوية ونظم المسخ دولها ومجتمعاتها، يستطيع المواطن الباحث عن الحقيقة وتستطيع الأصوات المدافعة عن الديمقراطية الاضطلاع بمهمات الحد الأدنى المتمثلة فى التضامن مع ضحايا القمع والانتهاكات والثبات على المبادئ أملا فى استعادة وعى وإنسانية قطاعات شعبية واسعة والانصراف بعيدا عن النخب السياسية والحزبية التى تبرر القمع والانتهاكات. لذلك فإن المهمة الراهنة للباحثين عن الحقيقة وللمدافعين عن الديمقراطية فى مصر هى التضامن مع النشطاء الذين ألقى القبض عليهم أثناء فض الأجهزة الأمنية للتظاهرات الرافضة «لدسترة» المحاكمات العسكرية للمدنيين يوم الثلاثاء الماضى، هى التضامن مع فتيات الإسكندرية وأسرهم، هى التضامن مع المستشار محمود الخضيرى وأسرته، هى التضامن مع علاء عبدالفتاح وزوجته منال حسن وهما يواجهان القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، هى التضامن مع أسرة شهيد كلية هندسة القاهرة الذى أسقطه الرصاص داخل حرم الجامعة، هى التضامن معهم جميعا ومع الضحايا غير المعلومين للموجة القمعية الراهنة. لذلك أيضا فإن المهمة الراهنة للباحثين عن الحقيقة وللمدافعين عن الديمقراطية فى مصر هى الثبات على المبادئ والامتناع عن المساومة على العدل وضمانات حقوق الإنسان والحريات، هى الثبات على إدانة المواد الدستورية القمعية كمحاكمة المدنيين عسكريا والبناء غير الديمقراطى للدستور، هى التمسك بالمطالبة بإسقاط قانون يجرم عملا التجمع والتظاهر السلميين ويتناقض بشراسة مع المعايير الدولية لتنظيم التجمعات والمظاهرات، هى رفض الممارسات القمعية للأجهزة الأمنية والإجراءات الاستثنائية التى تفرض واقعها الردىء على الدولة والمجتمع ودون السقوط فى الفخ اللعين للمعايير المزدوجة أو التمييز بين ضحايا القمع استنادا إلى اللون الأيديولوجى أو القناعات السياسية، هى مواصلة النضال السلمى من أجل تحول ديمقراطى فعلى يعيد تعريف علاقات الدولة والمجتمع والمواطن بعيدا عن عسكرة الدستور وعسكرة الدولة وعسكرة المخيلة الجماعية والعصف بالحقوق والحريات عبر قوانين وممارسات قمعية. لذلك أيضا فإن المهمة الراهنة للباحثين عن الحقيقة وللمدافعين عن الديمقراطية فى مصر هى الانصراف عن النخب السياسية والحزبية التى تبنت ترتيبات ما بعد 3 يوليو 2013 وشاركت بها وقبلت من ثم عملا المواد الدستورية والقوانين والممارسات القمعية ولم تزل تروج لتبريرها، الانصراف عن هذه النخب التى تتحمل مع المكون العسكرى الأمنى مسئولية الانتهاكات والابتعاد عن مسار للتحول الديمقراطى بات ضرورة لإيقاف عمليات تشويه وعى المواطن المستمرة وإخراجه من براثنها، الانصراف عن هذه النخب بات ضرورة حتى وإن تجمل بعضها اليوم بدفاع عن حقوق الإنسان والحريات والمسار الديمقراطى وهم فى الواقع يلوثون هذه القيم والمفاهيم ويقضون بعدم مصداقيتهم على مصداقيتها السياسية والمجتمعية.