يجب أن أؤكد في بداية مقالي على الأهمية الكبرى للإعلام باعتباره شريكاً أساسياً واستراتيجياً للوطن بجميع سلطاته الثلاث وأجهزته الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والعمل الخيري والتطوعي والمهني. إن الإعلام هو أفضل وأرقى جهاز رقابي فهو السلطة الرابعة الأقوى والأكثر تأثيراً على جميع أجهزة الرقابة العامة وإدارات الرقابة والمتابعة الداخلية في كل جهاز، فالإعلام هو ضمير الوطن ووجدانه وهو خير رقيب مؤتمن على المال العام والممتلكات والإدارة الحكومية وحتى القطاعات المهنية والخيرية ومجتمع المال والأعمال. إن الحديث منصب على أن يقوم الإعلام بواجبه ورسالته على الوجه الصحيح والسليم بدون أي اعتوار، وكما يجب أن يكون عليه الإعلام ورسالته السامية في التوعية والتثقيف والتنوير بعيداً عن الشبهات والفساد والإثارة والمبالغة وبطبيعة الحال التشهير والتنكيل بالأفراد والمؤسسات والسلطات. إن من عليه واجب الارتقاء بالإعلام ومخرجاته بالمقام الأول هو المؤسسات الإعلامية و بالتعاون والمشاركة مع وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون وكل من له علاقة بالتشريعات واللوائح المنظمة لعمل الإعلام بجميع وسائله التقليدية والحديثة وتحديثاتها لكي تكون التشريعات محفزة للعمل والإنتاجية والإبداع والتطور والتطوير لأداء الرسالة السامية بأكبر قدر من الشفافية والإتقان لا أن تكون سلطة التشريع والترخيص والرقابة مرتكزة على العقوبات والممنوعات بل يجب أن تركز على الدعم والتحفيز والتشجيع. أحسنت وزارة العدل عندما نظمت ملتقى القضاء والإعلام بمشاركة رؤساء جميع الأجهزة القضائية والحقوقية والأمنية بمشاركة وزير الثقافة والإعلام ورؤساء التحرير بالصحف الكبرى بما في ذلك وسائل الإعلام الجديدة وأساتذة الجامعات والكتاب والمحامون وكانت توصياتها نوعا من المشاركة بين السلطة القضائية بالمفهوم الشامل ومعها ذراعها الحكومي ممثلا بوزارة العدل وشركاء العدالة من مختلف الأجهزة الحقوقية والأمنية، بالإضافة إلى المحامين وأساتذة الجامعات من القانون والشريعة والإعلام، فكان هذا نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين السلطات والأجهزة الحكومية مع الإعلام. على المحامين والقضاة وأساتذة الجامعات أدوار مهمة ومؤثرة في دفع الثقافة العدلية في المجتمع من خلال الإعلام، كما يجب أن يكون عليه الحال للأطباء في القطاع الصحي والرياضيين في الإعلام الرياضي وحتى الفن والثقافة والأدب والعلوم والأمن والتعليم والتربية والتشريع والشؤون الإسلامية والأوقاف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل فيما يخصه، ومن هذا تفعيل لضرورة قيام المحامين وأساتذة الشريعة والقانون ومنسوبي مختلف الأجهزة الحقوقية بواجباتهم المهنية والاجتماعية لتعزيز الثقافة الحقوقية من خلال الأنظمة العدلية. كان من توصيات ملتقى القضاء والإعلام ضرورة عقد لقاءات دورية للمتحدثين الرسميين لمختلف الأجهزة القضائية والأمنية والحقوقية بمشاركة المؤسسات الأكاديمية لتطوير مبادئ وآليات التعامل مع الإعلام. أخيراً أدعو جميع السلطات وأجهزتها أن تساهم في دعم وتطوير حقيقي للإعلام وتساعده على رفع ثقافته التخصصية، وفي المقابل على المؤسسات الإعلامية أن تزيد من درجة الاهتمام بالمحررين والمراسلين لديها في الكفاءات والدخل والتطوير والتحفيز ليكون لدى الوطن إعلام يقوم بما يجب أن يقوم به لأننا لا نريد حفلات علاقات عامة نريد حملات إعلامية جادة لتنفيذ السياسة الإعلامية للدولة، كما أنني أطالب المؤسسات الإعلامية بأن تقوم بما عليها في تنفيذ توصيات ملتقى القضاء والإعلام التي طالبت المؤسسات الإعلامية بإحداث إدارات قانونية متخصصة في المؤسسات الإعلامية لتعزيز دور الثقافة الحقوقية داخل المؤسسات الإعلامية. ختاماً؛ لابد من التأكيد على حظر التناول الإعلامي لما تتولاه سلطات التحقيق أو المحكمة بطريقة تستهدف تعبئة الرأي العام ضد من تناولهم التحقيق أو المحاكمة قبل صدور حكم القضاء وأن هناك فرقا كبيرا بين مبدأ علانية القضاء وما يمارس من تشهير لا يكون إلا بحكم قضائي، والله ولي التوفيق.