وسط كم كبير من الكلمات والتصريحات التي واكبت ذكرى اليوم الوطني، تبقى كلمة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد وزير الدفاع لافتة من خلال خطاب متوازن، يتأمل الصورة بكل ما فيها من إيجابيات، ولا يغض النظر عن سلبيات هنا وهناك. يمكن القول دون مزايدة أو تزلف إن الكلمة جاءت متسمة بالشفافية والوضوح. الأمير سلمان في كلمته أكد أن الاستقرار يضمن تطبيق القوانين وحفظ الحقوق، ويهيئ بيئة عمل آمنة. وهذا تحقق من خلال عمل جاد لإقامة العدل عبر مؤسسات القضاء وأجهزة الرقابة، وأيضا بتفعيل أدوات رصد الفساد، وتعزيز مبادئ النزاهة والتشريعات والأنظمة والقوانين لحفظ حقوق المواطنين وكراماتهم وأموالهم وأعراضهم. لعل من المهم هنا الإشارة إلى ما لامسته الكلمة فيما يتعلق بالمبالغة في التركيز على النقائص والعيوب من البعض. في إشارة منه إلى واقع فرضته متغيرات ترتبط بمحفزات تقنية ودولية وسياسية واجتماعية. هذا الأمر أدى بحسب الكلمة والواقع المشهود أيضا، إلى طغيان نظرة سلبية للجهود التي تبذلها القطاعات الرسمية. وهو هنا يخاطب رجالات الدولة مؤكدا أنه "يجب ألا يسيطر هذا الشعور المحبط في منعنا من العمل والإنتاج". كلمة الأمير سلمان حملت رسائل مهمة، إذ أشارت إلى أن الدولة تتلمس مواطن القصور في قضايا الإسكان وتوفير فرص العمل والرعاية الصحية وجودة التعليم وكفاءة عمل الأجهزة الخدمية. وقال الأمير: لنمنحها الأجهزة الرسمية الوقت والفرصة، ولنعينها على التطوير بالنقد القويم وبالمشورة والرأي لا بالهجوم الهدام. وهذه الرسالة في رأيي من المهم أن يتم النظر إليها من قبل الشريحة الكبرى من الناقدين، ومن المؤكد أن نقد أغلبيتهم هدفه الصالح العام. لكن أحيانا يستغرق النقد الإنسان، فلا ينظر للجوانب الإيجابية الطاغية على الصورة. إن البعض منا، يرى الإنجاز في الخارج فيثني عليه بزعم الحياد ولكنه يتغاضى عن كلمة منصفة لإنجاز مشابه في مجتمعه، بدعاوى ومزاعم غير موضوعية. هذا الاختزال للأعمال، من خلال نقد يحيله الحماس إلى ما يشبه الجور، هو ما ينبغي أن يتنبه إليه الإنسان المنصف وهو يتأمل صورة الواقع. لقد أحدثت طفرة مواقع التواصل الاجتماعي، نوعا من الإغراق المعلوماتي فيما يتعلق بجوانب القصور، وباشرت جهات عدة إلى رصد هذه المعلومات وفرزها من أجل التعامل معها. هذه إحدى الخطوات التي تستحق الثناء، مع تحفيز جهات رسمية أخرى على أن يكون حضورها قويا هناك. إن هذا الحضور، ليس مجرد علاقات عامة، بل هو حضور في المكان الذي يشهد وجودا حقيقيا للأصوات التي تنتقد، بعضها بشكل غير موضوعي، لكن شريحة أخرى تتمتع بالإخلاص والولاء وتقول كلاما تحتاج هذه الجهات إلى سماعه.