تحل علينا ذكرى توحيد هذا البلد. من أقصاه إلى أقصاه. يغتني البلد بتنوعٍ كبير، أطياف من السعوديين سنةً وشيعةً وإسماعيلية وصوفية، كل هذا التنوع تظلله الوحدة الوطنية. الانتماء إلى هذه الأرض، إلى "السعودية"، وبينما تضطرب البلدان بجوارنا تفشل الخطط الإقليمية التي تتمنى أن ترى السعودية وقد فقدت رابطتها الأساسية وهي "التوحيد" والذي غزل نسجه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وهذه الأرض هي لكل السعوديين، ينتمون إليها، يناقشونها وينتقدون ما يزعجهم، لكن من دون انتماءٍ للخارج، وبينما كان الكلام النقدي همساً، أصبحنا نقرأه بالصحف الرسمية وهذا تقدم كبير. يحق لكل السعوديين الدخول إلى تخوم تاريخ السعودية، وهو تاريخ ممتد، من الدولة السعودية الأولى ثم الثانية، ثم التأسيس الكبير وهو الذي ننعم به منذ ما يناهز المائة عام. هذا اليوم الذي نعيش مناسبته ليس يوماً افتراضياً، أو يوماً بمثل قيمة يوم الشجرة أو أسبوعها، بل هو يوم نعيش نتائجه كل لحظة، التوحيد، ثم النفط، ثم الطفرات والثروة، ونحن نعيش الآن ضمن تأثير عالمي غير محدود، وضمن اقتصاد متصاعد يعد من أهم الاقتصادات في العالم. ليس تبجيلاً ولا نفاقاً أن نحب هذا التراب الذي ظللنا وأغنانا عن خلقه، بعد أن كان أجدادنا يذهبون إلى البلدان بحثاً عن لقمة العيش، وبنعمةٍ طبيعية تفجر النفط تحت أرجلنا وأصبحنا ضمن نطاق العالم بعد أن كنا نعيش على هامش التاريخ، بل خارج التاريخ. هذه مناسبة تجعلنا نتساءل فعلياً عن الوطن، أو عن "المواطَنة" بوصفها مفاعلة ومبادلة بين المواطن والمسؤول، والذي يجري الآن هو حال من التطور، ولكن السؤال: إلى أي مدى يمكننا أن نمدد مفهوم الوطن وعلاقتنا به؟! الذي يجري حولنا الآن من تشتت واضطرابات وموجات من الهياج العنيف، يحتم علينا التمسك بالوحدة في إطار التنوع، وفي إطار النقد، لكن ضمن الولاء للدولة والأرض. *بآخر السطر، الوطن ليس خروجاً أو نقمةً أو ثورة، الوطن انتماء واستقرار وتعليم وطبابة وسخاء بين الإنسان وترابه، هذه مناسبة تجعلنا نحمد الله أن جنبنا الشرور التي بدأت منذ أواخر 2010 وهي الآن توشك أن تنتهي. يبقى الوطن ولاءً وروحاً، بل هو صنو النفس: وطني لو شغلتُ بالخلد عنه نازعتني إليه في الخُلد نفسي