يصل عدد المعلمين والمعلمات إلى ما يقرب من خمسمائة ألف، يتولون مهام التدريس، والإدارة المدرسية، والإشراف التربوي، والإرشاد الطلابي، وبعضهم مكلفون بإدارات التربية والتعليم في المناطق والمحافظات. عدد كبير من هؤلاء المعلمين والمعلمات لديهم أنصبة مرتفعة من الحصص الأسبوعية تصل إلى أربع وعشرين حصة، فضلا عن حصص الانتظار، والإشراف، والأنشطة اليومية. وهم ملزمون بحضور الطابور الصباحي الذي يبدأ مبكرا في معظم المدن والمحافظات، في الوقت الذي يغط فيه كثير من أولياء أمور الطلاب والطالبات في نوم عميق صيفا وشتاء. ويكابدون عناء الطرق وأخطارها للوصول إلى مدارسهم النائية وملزمون بالتوقيع حضورا وانصرافا، ومحاسبون على التأخر والغياب مهما كانت ظروفهم ومبرراتهم، حتى لو كان السبب اضطرار المعلمات لدفع السيارة التي من المفترض أن تنقلهم لمدارسهم في القرى والهجر المترامية! الكادحون في الأرض تتفاوت أنصبتهم التدريسية، ولا تتفاوت رواتبهم وامتيازاتهم؛ فقد يحصل معلم نصابه أربع وعشرون حصة على نفس الراتب الذي يحصل عليه معلم آخر نصابه لا يتجاوز نصابه ثماني حصص! فضلا عن اختلاف التخصصات، وعدد المقررات التي تستدعي جهدا أكبر لتحضير الدروس، وتصحيح الواجبات والاختبارات. وعلى الرغم من هذه الواجبات والمهام التي تفوق طاقة الكثيرين من أصحاب المهن الأخرى، يعاني المعلمون والمعلمات من تجاوزات قلة من مديري ومديرات المدارس، والمشرفين التربويين والمشرفات بتفضيلهم للطبقة المخملية من المعلمين والمعلمات ومجاملتهم، وغض الطرف عن مخالفاتهم، وإهمالهم للأمانة المناطة بهم، وكل ذلك على حساب المخلصين وأصحاب الضمائر الحية. وفي مقابل إخلاص وتفاني هؤلاء المبدعين، وما نشاهده ونقرؤه من احترام للمعلمين في مختلف دول العالم المتحضر، تصل إلى حد مساواتهم بالسفراء مكانة وأجرا، وقيام الطلاب والطالبات بغسل أقدامهم تعبيرا عن امتنانهم؛ يتعرض معلمونا ومعلماتنا لإحباطات مستمرة من مجتمعهم هزت هيبتهم، وقللت من مكانتهم، وجعلتهم يخشون على أنفسهم من طلابهم وأولياء أمورهم! وما حادثة مقتل المعلم البرناوي على يد أحد طلابه إلا حلقة في مسلسل الاستهتار بالقائمين على رسالة التعليم السامية. * كلمة أخيرة: حرمان المعلمين من بعض حقوقهم مسألة فيها نظر، لكن قتل معلم بمدرسته جريمة لا تغتفر! * جامعة الملك سعود - كلية التربية