يتساءل العديد من المهتمين بالشأن العقاري، من كتاب، وعاملين في هذا النشاط، وراغبين في امتلاك مسكن، عن مدى تأثير خطوة وزارة الإسكان الأخيرة، المتمثلة في الإعلان عن توقيع عقود تطوير أراض سكنية، في عدد من المواقع بالمملكة، وإمكانية تراجع أسعار العقار، أراض ووحدات سكنية، وعن السبب في عدم الانعكاس الفوري لهذه الخطوة على السوق، وعدم ظهور بوادر لهذا التراجع حتى الآن، وهل سيأخذ ذلك فترة زمنية أطول، وما المدى الأقصى لهذا الوقت الذي ينتظره ويتطلع إليه كل من يكتوي بأسعار السوق في الوقت الحاضر. إن من ينتظر الرد على هذا التساؤل، يتوقع أن تكون الإجابة بوجه عام واحدة، وإن اختلفت في أطرها الزمنية، لكنه ربما لا يمعن النظر في مؤشرات الواقع الحالي، التي قد لا تعكس تلك التوقعات الإيجابية، فكما يعلم الجميع أن إجمالي مساحة الأراضي التي أعلنت وزارة الإسكان عن توقيع عقود تطويرها بشبكة المرافق العامة خلال الفترة الأخيرة بما فيها موقع مدينة الرياض، لا تتجاوز الواحد والثلاثين مليون متر مربع، أعطت وزارة الإسكان وعداً بأن يتوفر للسوق من خلالها نحو سبعة وأربعين ألف وحدة سكنية، بينما نرى في المقابل أن ما تم ضخه في السوق خلال العام الماضي فقط 1433ه، وفق ما نشر في الكتاب الإحصائي السنوي للبلديات، من مخططات سكنية، تفوق مساحته الثلاثة مليارات متر مربع، تعود ملكيتها بالدرجه الأولى للقطاع الخاص إضافة للقطاع الحكومي، وإذا كانت لا تتتوفر في كثير من الفئة الثانية شبكة المرافق العامة فبالتأكيد أن نسبة مرتفعة من مخططات القطاع الخاص السكنية تتوفر بها تلك المرافق العامة الأساسية، إن ذلك يعني أن ما وعدت وزارة الإسكان بتوفيره في السوق العقارية من أراض مطورة خلال عام من الآن، لا يعادل في الواقع سوى 0.8 % مما طرح في السوق بالفعل العام الفائت، هذا بخلاف ما يدلف للسوق حالياً من مخططات خاصة يجري اعتمادها تباعاً، فكيف لتلك النسبة الضئيلة من الأراضي المطورة أن يكون لها ذلك التأثير والمنافسة في السوق؟ إن ما يخشى منه عبر خطوات وزارة الإسكان، وما تعلن عنه بشكل منفصل، وبمعزل عن أطر تعاون مشترك منظم وفعال مع القطاع الخاص، هو أن تبعث برسائل خاطئة لسوق الاسكان وتعطي إيحاءً للقطاع الخاص، وبالذات الأفراد التي يقوم عليهم السوق حالياً، في توفير ما يحتاجه من وحدات سكنية، بعدم الجدوى المستقبلية للاستثمار في هذا السوق، بعد دخول وزارة الإسكان نداً ومنافساًً لهم في هذا النشاط، فهذا للأسف ما يمكن قراءته على الأقل من بيانات معدلات النمو. في رخص البناء الصادرة من الأمانات والبلديات في مناطق المملكة، المنشورة في ذات المصدر الذي أشرت إليه سابقاً، التي رصدت انخفاض عدد رخص البناء للمباني السكنية التجارية من ما يربو على 103 ألف رخصه بناء صدرت عام 1432 ه، إلى نحو 90 ألف رخصة بناء صدرت عام 1433 ه، بمعدل تراجع بلغت نسبته - 12.7 %، أو ما مقداره حوالي 13 ألف رخصة بناء تعادل إجمالي رخص البناء التي تصدر سنوياً في كافة مدن منطقة مكةالمكرمة، مما يمكن أن يعكس مؤشراً سلبياً في هذا المجال تنبغي الإحاطة به واستدراك تبعاته.