من الطبيعي أن تلعب الشائعات دورا كبيرا في حال اختلاف أو تصادم أفراد أي مجتمع، وربما ما يحدث بمصر مثال واضح على ما أقوله، فكم الشائعات والتزييف الذي يمارسه الطرفان مهول، فطرف ينشر فيديو لشخص بدا أنه ميت ولكن لسوء التمثيل يتضح أن الميت لم يمت، فيرد الطرف الآخر بأن ابن «خيرت الشاطر» لديه مستندات تفضح وترسل رئيس أمريكا للسجن، لهذا وقف «أوباما» مع الإخوان، وهكذا استمر الطرفان في نشر كم هائل من الشائعات والصور المزيفة دون رادع أخلاقي، إذ أن الإنسان حين يشيطن الآخر يستبيحه تماما. ولكن ما هو مستغرب ومثير للدهشة أن تجد بعض أساتذة جامعاتنا في المواقع الاجتماعية يدخلون كطرف في هذا التزييف فينقلون كل الشائعات التي يبثها الطرفان على أنها حقائق لا غبار عليها، وهذا ما يجعلني أقول: نحن أمام كارثة فكرية أو أخلاقية في جامعاتنا، أما لماذا كارثة فكرية أو أخلاقية ؟ فأن يصدق أستاذة الجامعات هذه الشائعات الساذجة وينقلوها على صفحاتهم دون تمحيص أو تثقيف لتلاميذهم وللعامة، فهذا يجعلني أتساءل: هل يحق لهؤلاء السذج أن يلعبوا دورا في بناء عقول شباب المجتمع ؟ أما إن كان هؤلاء الأكاديميون يعرفون أن ما ينقلوه مزيفا، لكنهم ينحازون لطرف ضد آخر بلا معايير أخلاقية، فأنت أمام مأزق أخلاقي، إذ سيصدمك سؤال: مما صنعت أخلاق هؤلاء الأكاديميين، وما الذي يرجوه المجتمع من أكاديميين لا يكترثون للمعايير الأخلاقية؟ بقي أن أقول حتى لا يفهم المقال على أنه تحريضي: أنا ضد تدخل جهات أخرى غير معنية بالقضية، وخصوصا الجهات الأمنية في هذه القضية، لكني أطالب الجهات الأكاديمية «الجامعات» بفرز أساتذتها ومعرفة هل هم قادرون على بناء عقول الجيل الجديد لينهضوا بالمجتمع، أم هم سذج لا يختلفون عن العامة الذين يصدقون شائعات غبية، والأهم هل هؤلاء الأساتذة قادرون على بناء أخلاقيات متينة للجيل الجديد أم لا يكترثون للمعايير الأخلاقية ؟ تماما كما كنت أطالب وزارة الصحة بالتدخل حين يعبث طبيب بأجساد المواطنين، وأن تسحب الرخصة منه وتوقفه عن العمل، فالعبث بالعقول يشبه العبث بالأجساد، وربما العبث بالعقول أخطر من العبث بجسد إنسان.