هل سبق وأن استمعت لخطيب مسجد جامع وهو يتحدث عن المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص كقيمة اجتماعية أصيلة، وأن الناس سواسية في المواطنة، وسمعته يستدعي أمثلة من الواقع يشخص معها النتائج والأسباب؟ هل سبق وأن اعتلى واعظ لمنبر وكانت الخطبة تتعلق بحقوق الإنسان في هذا البلد (مسلما كان أو غير مسلم)، منطلقا من قوله تعالى «ولقد كرمنا بني آدم»، وأن الإنسان له حقوق ككائن إنساني بقدر ما عليه من واجبات، وأنه يتوجب تأصيل هذه الثقافة في بنية المجتمع؛ ترجمة لما فتئنا نقوله من أننا أول من سبق الأمم في تبني حقوق الإنسان كلما جاء الحديث عن هذا المفهوم. هل سبق وأن حضرت ندوة دينية ووجدت أن العنوان يدور حول العدالة الاجتماعية، وأن الناس سواسية في الحق العام، وأن التفاوت من غير وجه حق ليس من سمات أو «خصوصيات» المجتمع المسلم. هل صادفت داعية على برنامج فضائي وكان الحديث عن العمل كقيمة اجتماعية رفيعة باعتباره واحدا من عناصر القوة في الدول، وأن من أبرز أسباب تراجعنا أمام بقية الأمم التي نحذر منها صباح مساء هو تراجع تراتبية قيمة العمل والإنتاج في منظومتنا القيمية والأخلاقية. المقاربة بين القيم المجردة التي ندعو لها.. والقيم الاجتماعية التي نحتاجها أصبحت أمرا ملحا في خطابنا الدعوي بعد أن استنزفت قضايا بعينها، كالمرأة والسياسة، كل مخزوننا الفكري والحواري على مدى عقود.