عبدالرحمن عبدالعزيز الهزاع - الرياض السعودية ملايين التغريدات وملايين الساعات من المقاطع المصورة تسبح في الأفق الواسع حاملة معها الإيجاب والسلب. هذا يمدح، وهذا يقذف، وذاك يعظ ويرشد، ورابع يسخر ويستهزئ. فضاء مفتوح وحرية بلا حدود، والواقع يؤكد أن حجم الانتشار وأثره يزداد يوماً بعد يوم لهذه الوسائل التواصلية في مجتمعاتنا ونراها تقود الكثير من توجهات الرأي العام وتعرض على الساحة خبايا ما كنا سنعلم بها. عرضت قناة أجيال للأطفال الأسبوع الماضي مشهداً فيه معاملة غير لائقة لطفلة شاركت في برنامج (مقالب مذيع) وهو برنامج يرمي إلى الدعابة والمرح. ومع اتفاقنا على أن المشهد الذي عرضته القناة فيه تجاوزات بحق الطفلة، إلا أن ما أود الحديث عنه هو كيف استطاع (المتوترون) مستعينين بمشاهد (يوتيوبية) من أن يجعلوا من هذا المشهد التلفزيوني قضية رأي عام حيث انهالت الاستنكارات وانبرى المدافعون عن حقوق الإنسان والطفولة للتعبير عن عدم رضاهم عن الذي حصل مطالبين باتخاذ موقف حازم تجاه المتسببين. في (اليوتيوب) حيث الصوت والصورة كانت المحفزات أكثر لمعرفة حقيقة ما حصل فازدادت الأصوات الممتعضة، وقد بلغ مشاهدو المقطع المصور أكثر من نصف مليون متصفح. هذا المد الهائل من الاهتمام والمتابعة كان له الأثر في تسريع هيئة الإذاعة والتلفزيون في اتخاذ موقف تجاه ما حدث من مخالفة، وهو ما تمثل في إيقاف البرنامج ومساءلة المخالف. هنا يتبين لنا كيف أن الجميع شركاء في الإصلاح وأن من أخطأ، حتى عن غير قصد، سيجد عبر وسائل التواصل الاجتماعي من يساعده على سلوك الطريق الصحيح. أعود لأقول: ما دام لهذا (التويتر) وهذا (اليوتيوب) القدرة على التجييش ولفت النظر، وبالتالي إصلاح الخلل فلماذا لا نرى لهما استخداما بصورة أفضل مما هو عليه الحال الآن. عدد كبير من المغردين لا تتجاوز مشاركاتهم الاستهزاء والنقد غير الموضوعي، بل إن بعضهم يعمد إلى استخدام لغة وألفاظ تتجاوز التعامل الإنساني المهذب وتندرج في إطار النهج الذي يترفع كل عاقل عن السير فيه. كما أن الآلاف من مشاهد (اليوتيوب) لا تستحق أن نلقي لها أي اهتمام وتفتقر إلى كل عنصر إيجابي وهادف. لماذا لا نستفيد من هذه الوسائل التواصلية التي بين أيدينا، ويسهل استخدامها في الإصلاح وندعم (هشتقات) ونوزع مقاطع (يوتيوبية) تُعنى بالمصلحة العامة، ونتابعها حتى يتحقق المراد. نحن في المملكة حققنا مراكز دولية متقدمة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها ولدينا أكثر من 16 مليون مشترك في الإنترنت، ومن غير المنصف أن لا نستفيد من كل ذلك في انتهاج اسلوب حضاري في التعامل وإصلاح الخلل مغلبين المصلحة العامة فوق كل اعتبار.