إذا بقى مرسي في منصبه، فسوف يضطر إلى الاعتماد على الجيش لضمان سلامة حكومته. وسوف يحتاج أيضاً إلى استعراض هائل للقوة من قِبَل أنصاره. ولكن هذا يعني إعادة الجيش إلى قلب السياسة وبالتالي التضحية بالمكاسب التي ترتبت على فرض قدر أكبر من السيطرة المدنية في أغسطس/آب الماضي. ويشير الإنذار الذي وجهه الجيش إلى أن المؤسسة العسكرية تتحرك في اتجاه الانقلاب. ولا تخلو فكر تعبئة الإخوان المسلمين وغيرهم من الأنصار الإسلاميين من المخاطر أيضا. والواقع أن الخطوة الثورية المتمثلة في توجيه الإسلاميين، الذين كانوا متوجهين ذات يوم نحو السياسة الانتخابية والدستورية، قد تنقلب في الاتجاه المعاكس في خضم الصراع الجاري على السلطة. أما إذا خرج مرسي من السلطة، فإن الكثير سوف يتوقف على الكيفية التي سوف يُبعَد بها. إن الاعتماد على الحشد في الشارع وتدخل الجيش لإسقاط زعيم منتخب لديه من يدعمه على الأرض من غير المرجح أن يؤدي إلى نتائج إيجابية. بل على العكس من ذلك، يؤدي هذا النمط عادة إلى قيام دكتاتوريات عسكرية، أو اندلاع حروب أهلية، أو الأمرين كما رأينا في أسبانيا عام 1936، وإيران عام 1953، وشيلي عام 1973، وتركيا عام 1980، والسودان عام 1989، والجزائر وطاجيكستان عام 1992. ولكن هناك أيضاً سابقة شارل ديجول لخروج رئيس منتخب سلميا. فقد أدت الاحتجاجات الحاشدة في فرنسا عام 1968 إلى انتخابات برلمانية مبكرة، والتي فاز بها أنصار ديجول بشكل حاسم. ولكن ديجول استقال في وقت لاحق طواعية وباختياره، بسبب قضية ذات أهمية ثانوية. والمشكلة في هذه السابقة هي أن مرسي لا يتمتع بخلفية ديجول، ومن المؤكد أن التحول السياسي الفوضوي في مصر في عام 2013 بعيد تمام البعد عن ديمقراطية فرنسا الراسخة في عام 1968. ولم يواجه أنصار ديجول الفرنسيون فضلاً عن ذلك أي شكل من أشكال الاضطهاد؛ في حين تعهد العديد من رموز المعارضة المصرية بالفعل بالانتقام من مرسي والإخوان المسلمين. وهذا من شأنه أن يرفع الرهان على البقاء سياسياً إلى حد كبير، وخاصة في ضوء غياب أي ضامن جدير بالثقة للقواعد الدستورية والسلوك. إن فكرة تنصيب مجلس «رئاسي» انتقالي. قد فشلت من قبل بالفعل، أثناء حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة (فبراير/شباط 2011 إلى يونيو/حزيران 2012)، وهو ما يرجع جزئياً إلى الافتقار إلى الحشد الشعبي خلف شخصية أو شخصيات موحِّدة، ولكنه في الأغلب يرجع إلى الغرور بل في واقع الأمر جنون العظمة الذي تملك من الساسة المشاركين. يكاد يكون من المؤكد أن مرسي لن يزاح دون تدخل من الجيش والمؤسسة الأمنية. وقد يبذل الفائزون قصارى جهدهم لمنع القوى الإسلامية من العودة، وهو ما يعني ضمناً دورة أخرى من الاقتتال السياسي بل وربما المادي الجامح الذي لا يقيده ضابط ولا رابط، حيث تخدم الديمقراطية كقناع لإضفاء الشرعية على إقصاء، بل وربما تدمير، المعارضين السياسيين. بالتنسيق مع «بروجيكت سنديكيت»