جهود دعوية وإنسانية لتوعية الجاليات وتخفيف معاناة الشتاء    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة    NHC تنفذ عقود بيع ب 82 % في وجهة خيالا بجدة    العمل الحرّ.. يعزز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    الاحتلال يكثّف هجماته على مستشفيات شمال غزة    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    المملكة تدعم أمن واستقرار سورية    "أطباء بلا حدود": الوضع في السودان صعب للغاية    حرب غزة:77 مدرسة دمرت بشكل كامل واستشهاد 619 معلماً    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    رينارد: سنتجاوز الأيام الصعبة    اتركوا النقد وادعموا المنتخب    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    غارسيا: العصبية سبب خسارتنا    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    الراجحي يدشّن «تمكين» الشرقية    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    عبد العزيز بن سعود يكرّم الفائزين بجوائز مهرجان الملك عبد العزيز للصقور    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    وزير الداخلية يكرم الفائزين بجوائز مهرجان الصقور 2024م    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    طريقة عمل سنو مان كوكيز    الموافقة على نشر البيانات في الصحة    جامعة ريادة الأعمال.. وسوق العمل!    نقاط على طرق السماء    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    المدينة المنورة: القبض على مقيم لترويجه مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة رياضات الدم
نشر في الجزيرة يوم 04 - 10 - 2012

برينستون - ألقى الرئيس الأميركي السابق بِل كلينتون واحداً من أفضل خُطَبِه على الإطلاق في المؤتمر الوطني الديمقراطي الأخير. وكانت واحدة من أطول جولات التصفيق والاستحسان عندما قال إن تعيين الرئيس باراك أوباما لهيلاري كلينتون وزيرة للخارجية رغم أنها كانت المنافس السياسي الرئيسي له أثبت أن «الديمقراطية ليست بالضرورة رياضة دم».
ولقد عكس ذلك القدر من التصفيق والاستحسان وجهة نظر غالبية الناخبين الأميركيين الذين يرون أن سياسة الولايات المتحدة أصبحت حزبية أكثر مما ينبغي، وأن المنافسين أصبحوا أكثر اهتماماً بمهاجمة بعضهم البعض - بالإيذاء المعنوي والبدني - من تركيزهم على القضايا السياسية. ولكن المغزى الحقيقي من كلام كلينتون هو أن قدرة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على الذهاب إلى دول أخرى والعمل مع منافسها السياسي السابق في السعي إلى تحقيق المصلحة الوطنية يُعَد مثالاً قوياً للطريقة التي يفترض أن تعمل بها الديمقراطية.
وهي حجة بالغة الأهمية، ذلك أن الديمقراطية في العديد من الدول تظل - حرفيا - رياضة دم. فقيمة صناديق الاقتراع تتلخص في كونها وسيلة للاستيلاء على السلطة ثم مضايقة واحتجاز بل وحتى قتل الخصوم والمنافسين. وكما يقول الشعار: «رجل واحد، صوت واحد، ومرة واحدة». والواقع أن الصندوق الوطني للديمقراطية في الولايات المتحدة يصف بعض البلدان بأنها «دكتاتوريات انتخابية».
ويخشى كثيرون أن تنتهي الصحوة العربية إلى مثل هذه النتيجة، حيث تطيح الحركات الشعبية بالطغاة، فقط لكي تنصب في محلهم طغاة جدد عن طريق الانتخابات. وتتلخص الوسيلة الوحيدة لتجنب هذه النتيجة في الالتزام بالانتخاب الحر النزيه للحكومات وليس الزعيم أو الحزب المنتخب، حتى ولو كان المنتصر معادياً بصراحة لمصالحك.
وهذه أيضاً معضلة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط الذي يعيش الآن ثورة مستمرة. فعلى مدى ثلاثين عاماً دعمت الحكومة الأميركية حكاماً علمانيين برروا قبضهم بيد من حديد على السلطة بالإصرار على أن الخيار كان إما بينهم أو «الإسلاميين» - الذين صوروهم بوصفهم متعصبين دينياً وعازمين على إعادة بلدانهم إلى العصور الوسطى. والآن يتعين على الولايات المتحدة أن تقنع الجماهير المتشككة بأنها على استعداد للعمل مع الحكومات الإسلامية المنتخبة.
والواقع أن هؤلاء الذين يعتقدون عن اقتناع في القدرة الكلية التي تتمتع بها الولايات المتحدة وعزمها على ملاحقة مصالحها في منطقتهم من غير الممكن أن يقتنعوا بسهولة بأن الحكومة الأميركية أصبحت على استعداد فجأة لمناصرة النتيجة التي لم تكن راغبة فيها. بل إن بعض الأقباط المسيحيين والأحزاب الليبرالية تظاهروا ضد هيلاري كلينتون أثناء زيارتها لمصر في يونيو/حزيران الماضي، لأن الولايات المتحدة في اعتقادهم كانت راغبة في وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة.
ينبغي لسياسة الولايات المتحدة في المستقبل أن تجسد قاعدة بسيطة ولكنها قوية: فسوف تتعاون أميركا (من خلال أشكال مختلفة من المساعدات الخارجية) مع أي حكومة يتم اختيارها عبر انتخابات حرة ونزيهة وخاضعة للمراقبة الدولية وتعمل بعد ذلك وفقاً لدستور وطني مصدق عليه شعبيا، مع مراقبة الامتثال لهذا الدستور بواسطة سلطة قضائية مستقلة.
لا يعتقد الأميركيون أن الديمقراطية الليبرالية هي أفضل أشكال الحكم لأن ما يريده «الناس» هو الحق والخير تلقائيا، بل لأنها تضع المصالح في مقابل المصالح. وكما يقول جيمس ماديسون في مجموعة المقالات التي أطلق عليها مسمى الأوراق الفيدرالية: «فمن الأهمية بمكان لأي جمهورية ألا تكتفي بحماية المجتمع من قمع حكامها، بل أن تكون حريصة على حماية جزء من المجتمع من ظلم جزء آخر له».
لا شك أن أي مجلس تشريعي تمثيلي حقيقي في القرن الحادي والعشرين لن يقيم نظام حكم يتسامح مع سجن المعارضين السياسيين، وفرض الرقابة، وقمع الأقليات والنساء، والتعذيب، واختفاء المعارضين أو اعتقالهم من دون محاكمة. والحكومات التي تعمل وفقاً لمبادئها الدستورية، حتى عندما يتم تفسيرها وتطبيقها بشكل منقوص أو معيب، لابد أن تتجنب العودة إلى الدكتاتورية ومن المرجح أن تكون قادرة على تصحيح ذاتها بمرور الوقت.
وما دامت الحكومات تعمل ضمن هذه القيم الوسيطة العريضة، فيتعين على الولايات المتحدة أن تنظر إلى نفسها قبل إصدار الأحكام على الآخرين. ولقد ألقى نائب الرئيس جوزيف بايدن أيضاً خطاباً قوياً أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي، حيث اقتبس عبارة من خطاب تنصيب أوباما فقال: «يتعين على الولايات المتحدة أن تحمل لواء القيادة في العالم، ليس بمثال القوة، بل بقوة المثال». ولكن من المؤسف أن المثال الأميركي أصبح في لحظتنا الحالية مشوهاً بشدة من حيث الممارسة الديمقراطية.
لقد فسرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الدستور الأميركي على النحو الذي يبطل فرض أي قيود على الإنفاق على الحملات الانتخابية، وسمح في الأساس للأثرياء من الأفراد والشركات الأميركية بشراء الانتخابات. ومن المؤكد أن الدعم الذي يقدمه مليونير واحد أعظم قيمة من أي دعم قد يقدمه أي مواطن عادي، وهو ما يُعَد استهزاءً بمبدأ «رجل واحد، وصوت واحد».
فضلاً عن ذلك فإن كلاً من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة يستخدم سلطته بشكل روتيني في حالة فوزه لإعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية بحيث يميز نفسه على حساب خصومه. وفي بعض الولايات، يحاول الحزب الجمهوري علناً عرقلة التصويت بإلزام المواطنين بإظهار هوية رسمية تحمل صورة شخصية، وهو ما قد يكون الحصول عليه صعباً ومكلفا. وتشكل مثل هذه المتطلبات نسخة جديدة من ضريبة الاقتراع، التي فرضها الديمقراطيون في الجنوب الأميركي لسنوات لحرمان الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي من التصويت.
إن الديمقراطية من غير الممكن أن تعمل كما ينبغي لها إلا إذا كان المبدأ العامل لدى جميع المواطنين هو: «قد أكره ما تمثله، ولكن ما دمت قد انتخبت في ممارسة حرة وما دمت تحكم بالدستور، فسوف أدافع حتى الموت عن حقك في المنافسة والفوز». وإذا كان للديمقراطية أن تشبه أي شكل من أشكال الرياضة، فيتعين على كل اللاعبين أن يلتزموا بقواعد اللعبة.
* المدير السابق لتخطيط السياسيات في وزارة الخارجية الأميركية (2009-2011)، وأستاذ السياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون.
* حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2012.
www.project-syndicate.org


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.