ليس الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها، الوحيد الذي قال: أيدنا حزب الله عندما كان يحارب إسرائيل، والآن صرنا ضده لأنه يحارب الشعب السوري؛ بل كثيرون أيضا يبررون اليوم موقفهم بالأمس بالعذر نفسه. ومع احترامي لما قاله الشيخ حمد، وردده آخرون، نسألهم: كم مرة حارب حزب الله إسرائيل في عقد ونصف؟ مرتان فقط؛ الأولى في عام 1997، والثانية عام 2006. ما عدا ذلك ظلت الجبهة مع إسرائيل محروسة من قبل مقاتلي الحزب. أما السنوات العشر الماضية، فقد كانت معظم بطولات حزب الله إجرامية، سببت زعزعة البلاد وعطلت الحياة السياسية.. فهل كان حزب الله يحارب إسرائيل عندما قتل غيلة رفيق الحريري عام 2005؟ هل كان يحارب إسرائيل عندما استمر عامين متتالين في تنفيذ اغتيالات لخصومه من قيادات لبنان السياسية والإعلامية والعسكرية الذين تجاوز عددهم العشرين، بناء على توجيه من نظام بشار الأسد؟ هل كان يحارب إسرائيل عندما احتل بيروت الغربية، وهجم على جبل لبنان، وقتل نحو سبعين شخصا في 2008؟ هل كان يحارب إسرائيل عندما عطل المصالح العامة، وقطع الطرق، وأثار حالة خوف مستمرة اضطرت معظم قيادات «14 آذار» إلى الاحتماء في فندق «فينسيا» لعدة أشهر خوفا من عصابات حزب الله؟ مرة واحدة واجه حزب الله إسرائيل في عام 2006 في عملية كان هدفها فتح معركة لأهداف إيرانية، لا علاقة لها بفلسطين أو مزارع شبعا، تسببت في تدمير البنية التحتية للبنان. حينها اختبأت ميليشيات الحزب بحجة أنهم في معركة غير متكافئة مع قوة العدو، وسيوفرون قوتهم لمواجهة الإسرائيليين لاحقا. طبعا، الجميع يشهد اليوم أن حزب الله وفر رجاله ليزج بهم في القتال ضد الشعب السوري بشجاعة نادرة، ولم يزج بمثلهم في أي مرة مضت ضد إسرائيل. كثيرون ساندوا حزب الله سياسيا وماليا، حتى عندما كان يرتكب جرائم لا تغتفر، ولأنه تاريخ مضى، فقد كنا نتمنى أن يقفوا اليوم ويعترفوا: «لقد أخطأنا»، أو على الأقل «خدعنا»، بدلا من منح الحزب شهادة لا يستحقها. بسبب المناكفات الإقليمية، بكل أسف، كثيرون دعموا بشار الأسد وحسن نصر الله في وقت كانا فيه يرتكبان جرائم بشعة في حق لبنان والمنطقة، وما كانت مواجهة إسرائيل إلا دعاية منهما لتبرير محاولات الهيمنة على لبنان، والتفرد بقراراته. وكان الحزب شبه الوحيد الذي يملك ترسانة من الأسلحة، وجيشا مدربا، ويرفض الخضوع لسلطة الدولة، زاعما أنها لمواجهة إسرائيل.. وكما ترون؛ أموالكم ودعمكم ينفقه الآن في ارتكاب مذابحه في سوريا اليوم.