قبل أيام أصدر القضاء السعودي حكماً بسجن وتغريم طبيب مصري؛ لتسببه في إتلاف أعضاء ذكورة لسبعة مواليد في المدينةالمنورة، وهو يجري لهم عمليات ختان باءت بالفشل لجهله بأصول مهنته، ستقولون: مذنب لقي جزاءه، والحمد لله أنه لم يُفلت من العقاب، لكن حين تعلمون العقوبة سيكون لكم رأي آخر!! العقوبة يا سادة كانت سجنا 6 أشهر، وغرامة 100 ألف ريال، وإلغاء رخصته الطبية، ومعاقبة المستشفى الذي يعمل فيه ب «100» ألف فقط لا غير، قطعاً لست بحاجة لأُذكِّر أهمية العضو الُمتلف لأولئك الأطفال الأبرياء، الذين سيغدون في المستقبل رجالاً، لكن حسبنا أن نتذكر أن فقدانه بالنسبة لهم ستترتب عليه أشياء مصيرية ليس أقلها حرمانهم من الإنجاب، وربما عدم القبول بأي منهم كزوج ولو اتصف بأفضل الصفات التي تتمناها كل فتاة في فارس أحلامها! مما يؤسف له أنه لو وقع حريق بأحد مرافق ذلك المستشفى فأتلف أجهزته لكانت تعويضاته من التأمين بالملايين. أما أن يُتلف عضو بالغ الأهمية في جسم الإنسان، فالتعويض حفنة ريالات الحكم كان في الحق العام، والحق الخاص لن يكون مجزياً في أحسن أحواله، والسؤال: لماذا يقع مثل تلك الأخطاء الفادحة في مستشفياتنا؟ لماذا تتكرر رغم محاكمات مرتكبيها ؟ والجواب لأنها نتيجة طبيعية لعقوبات ناعمة لا تردع أمثال أولئك الأطباء، ولو فُرِضت عقوبات صارمة وتعويضات كبيرة بالملايين لتعويض الضحايا لينعموا على الأقل بحياة كريمة تخفف من معاناتهم المستقبلية إذا كبروا لما فَرَّط أصحاب تلك المستشفيات في التعاقد مع أسوأ الأطباء وأقلهم معرفة بأصول مهنتهم، ومما يؤسف له أنه لو وقع حريق بأحد مرافق ذلك المستشفى فأتلف أجهزته لكانت تعويضاته من التأمين بالملايين. أما أن يُتلف عضو بالغ الأهمية في جسم الإنسان، فالتعويض حفنة ريالات، بل لو أن ما أصاب أولئك المواليد أصاب فحول مزاين إبل لعوض مالكوها بعشرات الملايين، فلماذا يكون تعويض الإنسان زهيداً إلى هذا الحد؟! الجمود على آراء الفقهاء السابقين في التعويضات الزهيدة وهم لم يعاصروا وجود شركات التأمين خطأ كبير من شأنه أن يجعل فقهنا وقضاءنا أقل إنصافاً إزاء دساتير الدول التي واكبت العصر وراعت كل الأحوال في فرض التعويضات للمتضررين، وإذا أردنا النجاة من مجازر الأخطاء الطبية فلابد من تعويضات كبيرة تجعل وزارة الصحة وملاك المستشفيات في القطاع الخاص يحتاطون جيداً لاختيار أفضل الأطباء المهرة.