ما أروع أن تتجه البوصلة السعودية إلى الشمال نحو تركيا، وما أجمل أن تستقبل البوصلة التركية شقيقتها في الجنوب المملكة العربية السعودية. استقبلت تركيا الشقيقة سمو ولي العهد الأسبوع الماضي ورحبت به أيما ترحيب، وهي تدرك المكانة التي تتبوأها المملكة على كل صعيد، والثقل الذي تمثله اقتصاديا وسياسيا ودينيًا. وعلى المستوى الإقليمي تمثل الزيارة دعمًا لا محدود لقضية الشعب السوري الذي تم التنكيل به على مدى عامين كاملين بلا شفقة ولا هوادة ولا رحمة. ولأن تركيا على الحدود السورية، فقد كان لها النصيب الأوفى من كل جانب، فقد استضافت مئات الألوف من الهاربين بأعراضهم وأرواحهم وأطفالهم من البطش البعثي الفاجر المدعوم من النظام الصفوي الغادر والدب الروسي الأثيم الصفيق، ودخل أخيرًا على الخط دعم بشري وعسكري من حزب الشيطان الرجيم بقيادة المعمم الصفيق والطاغوت الصغير حسن نصر إبليس اللعين. وكما هو متوقع ومعلن منذ شهور سابقة، فقد شدد بيان القمة على صيغة تؤكد الخروج النهائي (بلا عودة) للنظام البعثي الأسدي من المشهد السوري، كما يدعم تحقيق ضمانات لوحدة التراب السوري الذي لوثته السياسات الطائفية والعنصرية والاستعلائية طوال نصف قرن من الزمان. وعلى الصعيد المشترك، وُقعت اتفاقيات للتعاون الصناعي الدفاعي بين البلدين الشقيقين والعملاقين المسلمين. لقد آن للمسلمين الالتفات إلى مصالحهم القريبة والبعيدة، ولم يعد أمامهم إلا الاعتماد على أنفسهم في كل شؤونهم، ولقد أثبتت أحداث سوريا أن العالم لا تحركه إلا المصالح، ولا شيء غير المصالح، وأن لا مبادئ يحترمها، وإن تشدق بها في كل محفل وعند كل مناسبة.. (يرضونكم بأفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر). ما أطيب أن يقوم تعاون جاد في مجالات الاقتصاد والصناعة والدفاع بين تركيا والمملكة، فالمسلمون أولى بأموالهم وخبراتهم وقدراتهم وطاقاتهم، وهي وفيرة لدى الدولتين الكبيرتين ولله الحمد والمنة. هذا النموذج جدير بالانتشار بين كل دول المنطقة العربية والإسلامية، ولتبدأ على بركة الله منطقة الشرق الأوسط بداية جادة لرسم مستقبل مشرق مطمئن، فما حك جلدك مثل ظفرك.