كثير منا يعتقد أن الحب ثلاثة أنواع : الحب في الله ، حب الأهل ، وحب الرجل للمرأة وهو الذي ضاقت به دواوين الشعراء وقصص الرواة . ولا شك أن كثيراً منا يعرف تفاصيل النوعين الأخيرين سواء أظهروا ذلك أو أخفوه ، أتقنوا التعامل به أو أساءوا ، ولكن الذين لا يعرفون ما هو الحب في الله هم أكثر وأكثر ، وهم يحصرونه في العلاقات الشخصية أو التعبير عن حبهم لبعض الشخصيات العامة المشهورة ! وأكاد أجزم أن الحب في الله ليس للإنسان فقط من دون الأحياء فهو أيضاً للجمادات وسلوكياتنا معها والأخلاق التي مازال الناس يعرضون عنها وكأن الصلة بينها وبين الدين مقطوعة رغم وجود الكثير من الأدلة الشرعية عليها . إن الحب في الله عام ويتسع ليشمل كل مخلوقات الله وكل ما سخره لنا في هذه الحياة وكل ما يربطنا ببعض ويربطنا بما حولنا ، فالحب في الله للناس والحجر والشجر والشوارع ، الحب في الأمر بالمعروف والحب في النهي عن المنكر . وغير ذلك من أمور تهذب السلوك الإنساني مع كل ما حوله ، ولو أطلقنا من دواخلنا تلك الطاقة الهائلة من الحب لتغير وجه الحياة وشكلها وتفاصيل حركاتنا وسكناتنا فيها ، وأقوالنا وأفعالنا خذ على سبيل المثال حقوقنا تجاه بعضنا في المجتمع حق الجار وحق المريض وحق إماطة الأذى وإغاثة الملهوف وحق السائل والمحروم وغيرها كثير من سبل التواصي بالخيرات . إن الحب في الله متشعب ومترابط في الوقت نفسه وكل مسلك فيه يأخذنا إلى الآخر ويهدينا إلى الأفضل ولكن فينا من يجهل ذلك وفينا من يتجاهل . ويترتب على هذا ظلم كبير نقترفه في حق أنفسنا . الحب في الله هو فرع من فروع حبنا لله فكيف استهنا به إلى هذه الدرجة حتى جعلنا الحياة قاسية وموجعة بما فيها من مآس وجرائم نرتكبها ضد بعضنا إن الله يحبنا في حالات كثيرة منها حب التوابين ، والمتطهرين ، والمنفقين ، والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس . إن الآيات والأحاديث كثيرة في هذا الموضوع وهي كلها لن تجد لها تفسيراً سوى الحب فالحب هو الدافع إليها والحب هو الناتج منها ، ورغم كل ذلك نحن معرضون عنها وهو إعراض يتساوى فيه العالم والجاهل إلا من رحم ربي وراح يتلمس كل ذلك في حياته ويطبقه من خلال الانصياع لتلك التوجيهات الربانية والمحمدية . تخيل حال العالم من حولنا لو طبقنا كل ذلك ! هل سيكون بيننا بعد ذلك مجرم أو محروم أو فاشل ؟ المؤسف أننا نثرثر كثيراً حول معاني الحب ونتائجه ونتباهى بتكرار الآيات التي تأخذ بيدنا لذلك الخير ولكننا لا نستجيب بأفعالنا فقد تجد من يردد على مسامعك أن العمل عبادة ويكون هو أكثر المستهترين بعمله وانقاص حقه وقد تجد الحديث ( ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) معلقا في كثير من دوائر العمل ولكنك تجد ذلك خلف ظهر معلم لا يعرف ما هو حب العمل الذي يوصله للإتقان ، وستجده خلف موظف سليط اللسان محتقن الوجه عاقد الحاجبين . إن الحب في الله متشعب ومترابط في الوقت نفسه وكل مسلك فيه يأخذنا إلى الآخر ويهدينا إلى الأفضل ولكن فينا من يجهل ذلك وفينا من يتجاهل . ويترتب على هذا ظلم كبير نقترفه في حق أنفسنا . الحب في الله هو فرع من فروع حبنا لله فكيف استهنا به إلى هذه الدرجة حتى جعلنا الحياة قاسية وموجعة بما فيها من مآس وجرائم نرتكبها ضد بعضنا . الحب في الله هو التحدي الأكبر الذي لم ننجح فيه بعد .