أن يدافع إنسان عن مرتكبي جريمة بالتأكيد نحن أمام شخص مستفيد بشكل ما من مرتكب الجريمة ويحقق له مصالحه الشخصية، وإلا لن يدافع عنه هذا على افتراض أن المدافع يعرف ما معنى الجريمة، أو ربما هو إلى الآن ليس لديه أي معلومات عن كلمة «الجريمة» وتفسيراتها. وأنها من المنظور الاجتماعي «هي كل فعل يتعارض مع ما هو نافع للجماعة وما هو عدل في نظرها أو انتهاك لعرف سائد مما يستوجب توقيع الجزاء على منتهكه»، فيما هي على المنظور النفسي «إشباع لغريزة إنسانية بطريقة شاذة لا يقوم به الفرد العادي، أو هي نتاج للصراع بين غريزة الذات أي نزعة التفوق والشعور الاجتماعي». أما قانونا فهي «كل عمل يعاقب عليه بموجب القانون، أو ذلك الفعل الذي نص القانون على تحريمه، ووضع جزاء على من ارتكبه». هذه المقدمة ربما تساعد القارئ على فهم لماذا حقوق الإنسان طالبت بإيقاف حملة تصحيح أوضاع العمالة السائبة، وأن على وزارة العمل والجوازات منح العمالة فرصة، فجاء القرار بمنح الشركات والمؤسسات والعمالة السائبة المخالفين للقانون بتصحيح وضعهم خلال 3 أشهر. وبعد مرور شهر عادت «الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان» كهجمة استباقية لتطالب من جديد بتمديد مهلة تصحيح أوضاع «غير القانونيين» كما قالت الجمعية حرفيا، مستندة على أنها شاهدت الآثار في تنفيذ القرار سابقا، وأنه ربما يحدث فوضى في سوق العمل وإلى ضياع حقوق بعض العمالة لأن بعضهم يعمل بدون عقد نظامي بسبب مخالفتهم لأنظمة العمل والإقامة لأسباب تعود لأرباب عملهم. وهنا تحديدا كيف يمكن إثبات الحق إن كان لا يوجد عقدا، وحتى وإن لم يكن هناك حملة وقامت الشركات والمؤسسات بطرد العمالة التي ليس لديها عقد يثبت حقها، لن يحصل على شيء لأنه قبل العمل بالإجرة اليومية، والأهم هل بقاء المخالفين للقانون يسبب فوضى أم تصحيح الوضع يسبب الفوضى؟. الجميل في بيان «حقوق الإنسان» أنه طالب على أن يحدث الأمر تدريجيا إن كان ولا بد منه، وهنا ستدخل الواسطة بقوة، فلا يطبق القانون سريعا على الشركات والمؤسسات بسبب الصداقات. أخيرا.. يخيل لي أن العاملين بالجمعية لدينا لا يعرفون أن مهام حقوق الإنسان أن تدافع عن المظلوم، وليس عمن ارتكب جريمة، أقول هذا من باب حسن النية لأني لا أظنهم مستفيدين من العمالة السائبة.