أكتب إليك اليوم، وأنا أقرأ مئات الردود (التويترية) على جملتك الأولى في عنوانك (الهاشتاقي) عن مطلب العدالة لأبنائنا في العراق. تستطيع يا صاحب الفضيلة أن تضبط عنوان (الهاشتاق) لهدف ومطلب نبيل، ولكنك في هذا الفضاء الواسع لن تستطيع ضبط آلاف التغريدات الجانحة إلى التجييش والبلبلة التي لا تعكس سوى صورة مزورة ومشبوهة الأهداف عن وطن وبلد وقيادة تخلت عن رعاياها في سجون الدنيا في عسف لنواصع الحقيقة. سأقول لكم من الأمثلة التي تعرفها جيدا ولا يعرفها أتباعكم على الفضاء الإلكتروني هذه المشاهد التي تضع هذه (المملكة العربية السعودية) على رأس بلدان كل الدنيا في الاهتمام برعاياها في زوايا الأرض المختلفة. قد لا تعلم كل هذه الملايين من أبناء شعبنا الكريم أن طائرات الخطوط السعودية هي الوحيدة التي سمح لها عشرات المرات في الهبوط إلى مدرج مطار (جوانتانامو) لاستعادة أبنائنا، من بين ما يزيد من ثلاثين جنسية مختلفة، وقد لا تعلم هذه الملايين قصص الوصول الموغلة في الإنسانية حين يكون (محمد بن نايف) مع (الأم والأب)، أول الداخلين إلى طائرة الوصول إلى طائرة تطير، ولوحدها، إلى (جوانتانامو) بطاقم من أربعين طبيبا وملاحا من أجل استعادة مواطن سعودي بالطريقة (السعودية) وهنا سأضع ألف خط تحت مفردة هذه (السعودية). صاحب الفضيلة: وخذ من المثال التالي أن ملايين المواطنين لا يعرفون ما تعرفه بالضبط من أن الإعلام الأميركي قام ولم يقعد بعد، لأنه وفي سابقة لم تحدث من قبل ولا حتى من بعد، جاء إلى خادم الحرمين الشريفين وزراء العدل في الحكومة الفيدرالية الأميركية وفي حكومة ولاية كلورادو ليشرحوا لمقامه ظروف محاكمة الأخ (حميدان التركي) فك الله أسره وأعاده إلى صلب هذه الملايين التي لا تعرف، مثلما تعرف أنت كم هو حجم (اللوبي السعودي) من أجل قضيته العادلة. قد تعلم يا صاحب الفضيلة ما لا يعلمه آلاف الأتباع لكم من أن السفارات السعودية في بلدان الأرض المختلفة هي (الرقم الأول) في الصرف القانوني على قضايا المواطنين القانونية في بلدان الأرض المختلفة، ولو علم صاحب الفضيلة عن قصة (أم وطفلها) الصغير، وعن ما يزيد على نصف مليون ريال لأتعاب المحاماة من أجل طفل سعودي واحد لما كانت آلاف التغريدات التي تصادر حجم هذا الجهد الهائل لوطن مع رعاياه في قصصهم القانونية المختلفة. من هو الذي يدفع بأبنائنا إلى مهالك الردى في العراق وسورية ومن قبلهما في أفغانستان وغيرها؟ هذا هو (الهاشتاق) الذي لم يكتب. نواصل غدا. _ وأي قراءة لمقالي اليوم دون ربطها بما كتبته بالأمس، ستظل قراءة مجتزأة ومبتورة عن السياق. ولأخي الفاضل الدكتور سلمان العودة سأقول إن الكلمة والتغريدة حين تخرج من لسان أو أصابع صاحبها ستصبح مثله شخصية عامة وأنت الصدر الواسع للاختلاف والنقاش. وقبل أن يكون (مطلب العدالة لأبنائنا في العراق) هاشتاقا تويتريا للتشكيك في حرص هذه الدولة، قيادة وشعبا، على رعاياها في سجون العراق سنطلب أن تكون الجملة بكل الوضوح والصراحة: من الذي دفع بهؤلاء الشباب إلى كل هذه المعارك التي برهنت الأحداث أنها بلا راية؟ وحتى إن غرقت ذاكرة الشعوب الجمعية في غياهب النسيان مع تقادم الزمن، فإن ذاكرة الأوراق والبيانات وأسماء موقعيها قادرة على البقاء ألف عام في الأرشيف. وبين يدي الآن، أخي الكريم (أبا معاذ) كامل أوراق (بيان ال26) الصادر في 24 نوفمبر 2004. وأنتم ياصاحب الفضيلة (عراب) البيان وذروة سنام قائمة التوقيع، وفي البيان دعوة واضحة للشباب للجهاد في العراق، وفيه أيضا ختام الفقرة الأخيرة حين (ندعو الإخوة في العراق لاستقبال هؤلاء المجاهدين وتمكينهم لأنهم جاؤوا لنصرتكم....). وكل الذي نعرفه بعد تسع سنوات من البيان الشهير هي الحقائق التالية: الحقيقة الأولى: إن عالما واحدا من الموقعين على البيان الشهير لم يدخل العراق كي (يفعل ما قال). وبحسب أرشيفي عن البيانات، فإن (بيان 26) هو أول بيان دفع بآلاف الشباب السعودي إلى هذه المأساة التي تطالب فيها بعد عقد من الزمن بتحقيق مطلب العدالة. الحقيقة الثانية: إن هذا الجهاد الذي سماه (بيان 26) قد أودى بحياة 8 آلاف طفل في العراق في قتل عشوائي وهم لم يبلغوا بعد سن العاشرة. ثم تأمل أخيرا يا صاحب الفضيلة هذه الحقائق الرقمية من خراج هذه البيانات: ففي الوقت الذي تذكر الأرقام أن 21 ألف سعودي ذهبوا للجهاد في أفغانستان كانت ذات الفترة من التاريخ تشهد وصول نصف مليون أفغاني للعمل والحياة في المملكة. وحين ذهب بضعة آلاف من شبابنا للجهاد في العراق كان العراق يشهد هجرة ثلاثة ملايين عراقي للحياة خارج بلده. نفس الأرقام تتكرر في سورية فلماذا هذه الفزعة لتجييش (السعودي الأممي) الذي يحارب في بلاد الآخر وعنهم بالوكالة بينما يبحث شباب ورجال تلك الشعوب عن فرص الحياة حين تفرغت البيانات لشحن شبابنا إلى موت، بلا راية!!