استطاعت وزارة العمل أن تجعل من قضية العمالة محور اهتمام المجتمع وخصوصا قطاع الأعمال. كان الحديث يدور لسنوات طويلة عن المتخلفين والعمالة غير النظامية وعن بيع التأشيرات دون أن يحرك اهتمام أحد لإيجاد حلول أو لقفل أبواب التسلل للمملكة عبر الحدود أو متخلفي الحج والعمرة أو العمالة الهاربة، من عشرات السنين وتعبير «قنابل موقوتة» عن هذه المشكلة تدور في المجالس ولا من حراك حقيقي لإيجاد الحلول، خير مثال على ذلك مشكلة البرماويين التي طال بها الأمد ستين عاما لتجد حلا عمليا.. ومعذرة إذا قلت إنه لولا مشكلة (الأحياء العشوائية) التي حركت مشكلة المتخلفين لما كان وجد حل للبرماويين، والآن مشكلة الأفارقة المتخلفين الذين يمكن أن نبدل كلمة «المتخلفين» بكلمة المستوطنين فقد تولدوا إلى الجيل الثالث وتكاثروا وصاروا يزيدون عن المليون ويقال اثنان، ومن المؤلم أنه لا توجد إحصاءات حقيقية عنهم، هؤلاء الأفارقة مشكلة عويصة أخرى ليس هنا مجال الحديث عنها غير الإشارة المتكررة عن وجودها. الآن الحديث كله يدور بل يهم المجتمع عن حملة وزارة العمل التي أحدثت زلزالا في كل الفئات لأنها تمس مصالح وأعمال الجميع، العمالة غير النظامية المطلوب منها والواجب أن تصحح وضعها في نهاية مهلة الثلاثة أشهر، وهي مهلة تبدو مستحيلة ما لم توضع الإجراءات المتدرجة لعمل هذا التصحيح والمسارعة ببدء شركات الاستقدام عملها وأن ينقل لها العمال الراغبون في إقامة نظامية وخصوصا أهل المهن الذين يقدمون خدمات لا غنى للمواطن عنها ولا يوجد سعوديون يملأون فراغها كالسباكة والكهرباء.. الخ، لقد بحثت جمعية حقوق الإنسان مؤخراً في لقاء بعنوان «تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية» ومما أوصت به وأنا أؤيده وغالبية الناس إيقاف عملية المتاجرة بالتأشيرات التي هي في الحقيقة سبب رئيسي للمشكلة، هي التي أحضرت العمال وباعت لهم التأشيرات وأطلقتهم في الأسواق وتقاضت منهم «أتاوات». لو تم منع هذه التجارة وإصدار منح التأشيرات لأغلقنا باب ضر شديد، المتاجرة بالتأشيرات هي استغلال وإضرار بمصلحة الوطن والتنمية، لذلك نؤيد الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في طلبها بوقف تجارة التأشيرات والرفع إلى الملك المفدى بذلك والرجاء بإلغاء نظام الكفيل الذي لم يعد يتوافق والعصر.