شاب في العشرين من عمره كان يشاهد ماراثون بوسطن حين أصابته قنبلة في جسده. لم يكن وحده في ذلك. فقد أصيب 176 شخصاً بجروح. لكنه كان الوحيد الذي تعرضت شقته للتفتيش من بين الذين كانوا في المستشفى يعالَجون من جروحهم. وقد تم تفتيش شقته ""بدرجة مذهلة من العنف""، على حد وصف زملائه في السكن في مقابلة مع صحيفة ""بوسطن هيرالد""، حيث اقتحمتها ""كتيبة"" من رجال الشرطة وعملاء ووحدتان من وحدات الكلاب البوليسية المدربة. وكان هو الشخص الذي نُقِلَت أمتعته في أكياس ورقية في الوقت الذي كان فيه جيرانه يراقبون ما يحدث. وفي الوقت الذي خضع فيه زميله في السكن، وهو طالب كذلك، للتحقيق لمدة خمس ساعات قبل أن يخرج ليقول إنه لا يعتقد أن صديقه من النوع الذي يزرع القنابل، وأنه شاب طيب يحب الرياضة. وفي وقت متأخر من اليوم قال زميله في السكن لمراسل كان يسير وراءه من شبكة فوكس للأخبار ""دعني أذهب إلى البيت لو سمحت""، وهو يغطي وجهه بيديه ويكاد يبكي، وكان المراسل يسأله مراراً وتكراراً إن كان متأكداً من أنه لا يعيش مع قاتل. لماذا التصقت صفة ""مشتبه به"" بهذا الشخص أثناء البحث، والاستجواب، والكلاب وفريق القنابل واسم الشاب حين ظهر على ""تويتر""؟ بعد انفجار القنبلة كان الناس يركضون في كل اتجاه، وكذلك كان هذا الشاب. وكثيرون أصيبوا مثله إصابات بالغة، وكثير منهم تم إنقاذهم بفعل اللطف الكبير من الغرباء، الذين حملوهم أو أوقفوا نزيفهم بأيديهم. قال الرئيس أوباما: ""الراكضون المجهدون الذين واصلوا الركض إلى أقرب مستشفى للتبرع بالدم"". وقالت كارمن أورتيز، النائب العام لولاية ماساتشيوستس: ""لقد ساعدوا بعضهم بعضاً. وكانوا يُعزون بعضهم بعضاً"". ووسط كل ذلك، وفقاً لتقرير من شبكة سي بي إس، شاهد أحد المتفرجين شاباً يركض وتبدو عليه الإصابة البالغة، فاندفع إليه وأمسكه ثم وضعه على الأرض. ظن هذا المتفرج أن منظر ذلك الشخص مثير للشبهة. ما الذي جعله يشتبه فيه؟ كان يركض، وكذلك كان الجميع يركضون. قام المتفرج بتسليم الشاب إلى الشرطة، التي ظنت أن رائحته تشبه رائحة المتفجرات، واستدلوا على ذلك من جروحه. وقال شيئاً عن أنه يظن أن هناك قنبلة ثانية، وهو ما كان فعلاً، كما هي الحال في أغلب الأحيان، لاستهداف الذين يأتون للاستجابة. إذا كان هو السبب الذي أعطاه لتفسير قيامه بالركض فقد كان سبباً معقولاً. وسأل إن كانت هناك وفيات، وهو سؤال كان ينطلق بأعلى صوت من الجميع. وكان هذا الشاب من المملكة العربية السعودية، وهناك يتوقف التفكير المنطقي. هل كان مظهره هو السبب في ذلك؟ أم أنه كان أثناء هذه الفوضى يبتهل إلى الله باسم اعتبره شخص ما أنه اسم غريب ؟ ما حدث بعد ذلك تم على جناح السرعة. علمت صحيفة ال ""بوست"" أنه ""وجد المحققون مشتبهاً به، وهو سعودي، في حادث تفجيرات ماراثون بوسطن الفظيع"". هذه صحيفة ""نيويورك بوست""، التي استشهدت بها شبكة فوكس للأخبار. فجأة اتخذ القلق شكلاً، فالمشتبه سعودي، مع أن اسمه أو صورته لم تظهر في الأنباء. وقيل إنه وضع قيد الاحتجاز، أو ربما كانت هناك حراسة على سريره في المستشفى. وقد اعترضت شرطة بوسطن، التي لم تقل شيئاً مفيداً، على التقرير، نوعاً ما. وقال متحدث باسم الشرطة: ""أقول بصدق إني لا أعلم من أين تأتيهم هذه المعلومات، لكنها لم تأتِ منا"". ربما. ""شخص ذو علاقة بالموضوع"" أصبحت عبارة تؤدي إلى الابتعاد والتلميحات الكريهة. على موقع رواية ""أطلس يهز كتفيه""، كانت هناك ملاحظة بأن اسم الشخص يعني في العربية ""سيف"". وفي مؤتمر صحافي عقد في المساء، قال إيد ديفيس مفوض الشرطة، إنه لا يوجد لديهم أي مشتبه قيد الاحتجاز. لكن هذا كان حين كانت الكلاب تصول وتجول في مبنى الشقق الذي يسكن فيه ذلك الشخص، وهو تحقيق دفع بالبعض إلى اغتنام الفرصة واعتباره، ليس إدانة، ولكنه على الأقل تأكيد لشكوكهم. قال أندرو نابوليتانو على شبكة فوكس: ""لا يمكن أن تحتجزه الشرطة هناك لو لم يكن لديها أدلة كافية"". والمقصود بكلمة ""هناك"" المستشفى. ورد ستيف دوسي: ""لا بد أنهم توصلوا إلى معلومات ذات طبيعة مثيرة للشبهة"". وقال نابوليتانو: ""إذا كانت براءته واضحة، فهل كانوا سيقدرون على تفتيش بيته؟"" ظن نابوليتانو أن أي قاض يمكن أن يتردد دقيقة واحدة قبل أن يمنح الإذن بالتفتيش في مثل هذه الظروف، لكن لا بد أنه كان هناك شيء ما بخصوص ذلك الشخص. ربما كان يبدو عليه أنه ""مخادع"". وكما أشار تقرير من ميدييت، فإن ميجين كيلي أثارت بعض الاعتراض على الموضوع ""وهو ما يعرف عنها دائماً"" حين سألت إن كان هذا نوعاً من التمييز العنصري، لكن بعد جولة من التكهنات حول تأشيرته ""سأل نابوليتانو: هل كانت تأشيرته حقيقية أم مجرد واجهة؟"" فسألت: ""ما حكاية مقدرته على الدفاع عن نفسه في المحكمة؟"". بحلول عصر الثلاثاء، فترت الحمى. جاءت التقارير واحداً تلو الآخر تقول إنه كان شاهداً وليس مشتبهاً به. وقال مسؤول أمريكي لمحطة سي إن إن: ""كل ما في الأمر أنه كان في المكان الخطأ في الوقت الخطأ"". ""لكن كانت هذه حال كثير من الناس في الماراثون"". حتى فوكس للأخبار ذكرت أنه ""تم استبعاد هذا الشخص كمشتبه"". وفي المؤتمر الصحافي، تحدث الحاكم ديفال باتريك، ليس بطريقة ملتوية، عن الحاجة إلى توخي الحذر في معاملة ""فئات من الناس بأسلوب غير حضاري"". لا نعلم حتى الآن من فعل هذا. قال رتشارد ديلوريير من مكتب المباحث الفيدرالي في وقت مبكر من مساء الثلاثاء: ""إن نطاق المشتبه بهم والدوافع يظل مفتوحاً على مصراعيه"". خلال دقيقة واحدة، مع ادعاء بالمسؤولية، يمكن أن تصاب توقعاتنا بالخلل. صحيح أن من الممكن أن يكون التفجير من عمل شخص سعودي أو أمريكي أو آيسلندي أو من عمل أي شخص يمكن أن يخطر على بالك. لكن هذا لا يعني أنه يمكن معاملة السعودي بالطريقة التي عومل بها، أو أن الناس الذين يحبونه كان عليهم أن يكتشفوا أنه أصيب بقنبلة حين قفز اسمه على الإنترنت باعتباره قيد الاحتجاز للاشتباه فيه. المفروض في هذه اللحظات بالذات أن نتوخى أقصى الحذر، وليس أقل الحذر. ربما يكون من المريح أن ننظر إلى هذا الأمر على أنه خطأ عارض، أو انحراف، أو شيء سيُنسى في الغد، لو أنه كان يتعلق بشخص غير هذا الشاب. هناك معتقلون في جوانتانامو تمت تبرئتهم من قبل الحكومة الأمريكية نفسها، ومع ذلك لا يزالون قيد الاعتقال. وهناك تقرير جديد حول تراث التعذيب بعد أحداث 11 من أيلول (سبتمبر)، صدر يوم الثلاثاء، وهو توبيخ جاء فعلاً في وقته. قال مكتب المباحث الفيدرالي إنه ""سيذهب إلى أقصى أطراف الأرض"" في سبيل القبض على الفاعلين في أحداث بوسطن. لكننا نتمنى لو أن بمقدورهم الذهاب ورؤوسهم مرفوعة. قال الرئيس أوباما: ""إن من يريد أن يعرف من نحن، وما هي أمريكا، وكيف نرد على الشر، فهذا هو الوصف: نحن غير أنانيين، ومتعاطفون إلى حد كبير وغير خائفين"". كان هذا صحيحاً إلى حد كبير يوم الإثنين. كان يوماً فظيعاً، حين قُتل ولد في الثامنة من عمره، وبترت بعض أطراف أخته، ومات شخصان آخران، وكثير غيرهم في حال خطرة. مع ذلك، حين كان هناك الكثير الذي يمكن أن نخشى أن نتحلى بالشجاعة بشأنه، كان هناك رعب حول شخص جريح لم يكد يخرج من عمر المراهقة وكان في حاجة إلى المساعدة. لقد اقتربنا كثيراً من وصف أوباما. لكن هناك شيء ناقص. هل هو التواضع ؟ كبيرة المحررين في مجلة "نيويوركر" الأمريكية. رابط المقال نقلا عن نيويوركر www.newyorker.com/online/blogs/comment/2013/04/the-saudi-marathon-man.html