في العام الماضي وحده تم اكتشاف مليون وسبعمائة ألف حالة سرطان جديدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وطبقاً للدراسات الإحصائية الأمريكية فإن احتمال إصابة الفرد الأمريكي بالسرطان خلال مسيرة حياته تبلغ 50% بالنسبة للرجال (واحد من اثنين) و 33% بالنسبة للإناث (حالة من كل ثلاث نساء). ولا أحسب أن الحال يختلف كثيراً عندنا في المملكة إن لم يكن أسوأ من حيث الأرقام المجردة. طبعاً الإصابة بهذا الداء العضال لا تعني الانتهاء إلى الموت، فالتقدم الطبي الحديث نجح في التقليل من مخاطر الانتهاء بالموت. وفي كل يوم تجرى في الولاياتالمتحدة بحوث جادة لاكتشاف أسرار هذا المرض الخبيث في محاولة لتطويقه ومواجهة آثاره والحد من الإصابة به. ولأن النجاحات في هذا المضمار تراكمية يزداد رصيدها شيئاً فشيئاً، ولو بجرعات محدودة بسيطة (على عكس الاكتشافات الجوهرية الكبرى مثل اللقاح ضد شلل الأطفال)، فإن طائفة من المراكز البحثية تعمل بالتنسيق فيما بينها على مدار العام، ولكل من هذه المراكز فريق متمرس ذو خبرة وكفاءة وجدارة وباع طويل. ومع كل عملية استئصال لورم سرطاني ترسل فوراً عينات محددة إلى قرابة 10 فرق بحثية في جامعة برنستون العريقة الشهيرة وجامعة جونز هوبكنز التي يحتل مستشفاها مركزاً متقدماً جداً في كل تصنيف موثوق، كما ترسل عينات إلى مركز إم. دي. أندرسون لعلاج السرطان في مدينة هيوستون، وهو من أفضل المراكز المتخصصة في العالم إضافة إلى عينات أخرى. ولكل من هذه المراكز دور مخصوص حتى لا تتكرر الأعمال وتُبعثر الجهود، وتُهدر الموارد مع أن كلاً من هذه المراكز يُعد قامة بحثية فارعة في حد ذاته. هذه التكاملية تكاد تكون مفقودة تماماً في عالمنا العربي المجيد. لذلك تأتي معظم نتائج النشاطات البحثية ضعيفة وربما مكرورة في المجال نفسه. في جامعاتنا الكبرى اليوم مراكز بحثية متشابهة من حيث النشاط والدور، لكن كل منها يعمل في عزلة عن الآخر، إذ تغلب عليها روح التنافسية بل ربما شاركهم في التنافس مركز آخر في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والمحصلة كما تعلمون وتسمعون.