علماؤنا ودعاتنا الذين أراد الله بهم الخير ففقههم في الدين، يستحقون الشكر والتقدير لأكثر من أمر يتميزون به ورفعوا من خلاله اسم بلدنا عالياً، فهم يبذلون جهداً ووقتاً ومالاً لا يبذله غيرهم وقد يكون على حساب صحتهم وبيوتهم في سبيل نشر العلم وتعليمه، ولا تكاد تدخل مدينة ولا قرية سعودية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب إلا وتجد مساجدها تتزين بدعوات مكاتب الدعوة والإرشاد إلى المحاضرات والدروس العلمية وكل ذلك بلا مقابل مادي ولا تزاحم على الأضواء والفلاشات، وقد انعكس هذا على انتشار الروح العلمية في المملكة، لذلك قد تتجاوز معلومات السعودي الشرعية معلومات رجال كبار في بلاد أخرى. ما يتميز به علماؤنا أيضاً القوة العلمية والحرص على الدليل، فقال الله سبحانه وتعالى، وقال رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) هما المقدمان على ما سواهما، لذلك تجد علماءنا غير ملتزمين بمذهب محدد وحذرين أشد الحذر من التحزب والتعصب، وليس هذا مجرد كلام عاطفي - كالاتهامات التي تلقى بلا بينة - بل مبني على ما يقدم في كلياتنا الشرعية والكتب والدروس العلمية من حرص على مناقشة للأقوال والأخذ بالأقرب للدليل، وبالتالي وصل تأثيرهم هؤلاء الرجال إلى أقصى الأرض، وأصبحوا مرجعية شرعية لكثير من المسلمين في جميع أرجاء العالم، ليس في عالم تعدد وسائل الاتصال اليوم فحسب، بل من أيام برامج الإذاعة ونور على الدرب والرسائل البريدية التي ترد على صندوق بريد البرنامج من الولاياتالمتحدة واستراليا ودول أوروبا وآسيا وإفريقيا، لتستقبل (بأحوط) سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - واستنباطات سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وحرص الشيخ صالح بن غصون - رحمه الله - على تكرار السؤال حتى يستوعب السؤال ويفهم السامع، وغيرهم من العلماء رحم الله الراحلين، ونفع بعلم الباقين. الأهم - من وجهة نظري - أن نحرص على هذه المكانة وندعمها بمعرفة الفضل لأهل الفضل، والاستمرار في دعم العلم وتعليمه من خلال أعمال مؤسسية تضمن البقاء والتميز والاستمرارية. كما أن دور الشباب وطلبة العلم مهم ومحوري في السير على خطى السابقين وتحقيق النجاح الذي حققوه. كما أتمنى من طلبة العلم أن يهتموا بسير من علموهم وكسبوا منهم الكثير وأن يحرصوا على تجلية هذه السير الناجحة بأجمل وأصدق صورة للأجيال العلمية القادمة، فهذا أقل حقوق معلميهم عليهم. أكرر شكري وتقديري لهؤلاء الرجال وما عند الله خير وأبقى.