في لقاء أكرمنا به سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، حول العديد من القضايا ذات العلاقة بحياة الناس، استشرافًا منا بعلمه الوفير، حيث أكد أن النفوس بفطرتها مجبولة على قبول «الإسلام» إذا تم عرضه بشكل سليم من قبل وسائل الإعلام، ورد على المطالبين بحقوق المرأة مؤكدًا أن حقوقها الحقيقية هي التي حفظها لها الشرع الحنيف، أن محاولة المساواة بين الرجل والمرأة في سائر الأعمال دعوةٌ تخالف شرع الله ودينه وأن الزواج «سكن» ومعاشرة بالمعروف.. ذاكر بعض أوجه زواج ما يسمى بالمسيار، وأن إذا خرجت من بيتها أن تتقي الله ولا تتبرج تبرج الجاهلية الأولى فتثر كل طامع كما أنه لا يجوز للمرء أن يأخذ الفتوى الأيسر من كل عالم.. بل يأخذ بما وافق الكتاب والسنة.. فإلى مضامين هذا الحوار: تحسين صورة الإسلام سماحة المفتي ما المنهج الذي ينبغي على وسائل الإعلام؛ كي تستطيع المساهمة في تحسين صورة الإسلام والمسلمين وذلك عند غير المسلمين؟ أطلب من وسائل الإعلام أن يعرضوا محاسن الإسلام وفضائله ومزاياه عرضًا جيدًا علميًا مبنيًا على الكتاب والسنة، متجردًا من الغلو والتطرف، فمن عرض نصوص الكتاب عرضًا سليمًا، فإن النفوس بفطرتها مجبولة على قبول ذلك، وقبل ذلك لا بد للمسلمين أن يكونوا عاملين بدينهم متمسكين بأحكامه، حتى إن غير المسلمين إذا سمعوا قولهم ورأوا أعمالهم الطيبة علموا أن الأقوال والأعمال متطابقة، وهذا مما يساهم في تحسين صورة الإسلام، بفضل الوسائل الإعلامية إذا سارت على هذا المنهج القويم. دعوات هدامة فضيلة الشيخ هناك الكثير أصبح لا هم لهم سوى البحث عن مكامن الدعوة إلى «انحلال المرأة»، كالمساواة ويريدوا بينها وبين الرجل في جميع شؤون الحياة، مدعين أنهم يطالبون بحقوقها؛ فما نصيحة سماحتكم التي توجهونها لهم؟ الله جل وعلا خلق الناس كلهم من نفس واحدة قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، والله كلف جميع خلقه بشرعه ذكورًا وإناثًا بعبادته جل وعلا وطاعته فقال: (يأيها الناس)، وقال أيضا: (يأيها الذين آمنوا)، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، وقال جل وعلا: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ). وقال الله تعالى في خطابه كذلك للجنسين: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ). الرجال والنساء شركاء إذًا فالرجال والنساء شركاء في طاعة الله، والامتثال لأمره واجتناب نواهيه، والله جل وعلا جعل للرجال خصوصيات تليق بهم، وللنساء خصوصيات تليق بهن، على قدر حال كل منهم، سواء رجل أو امرأة، فالمرأة قد ضمنت لها الشريعة الإسلامية حقوقها من الميراث، والعشرة بالمعروف، قال تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ)، وقال الله تعالى في بيان حقهن في النفقة: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)، وقال كذلك في بيان القدرة الجسمية والمالية: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ). حقوق وواجبات اذًا فللمرأة حقوقٌ وعليها واجبات. لها حق الإحسان إليها، وعليها واجب، وهو طاعة زوجها، وذلك بالسمع والطاعة له بالمعروف، والقيام بخدمته وعدم عصيانه. ولها من الحقوق أيضًا: وجوب كسوتها، والإنفاق عليها، وإسكانها، ومعاملتها بالمعروف، لأن الله يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم). فمن دعا إلى خروج المرأة عن فطرتها التي فطرها الله عليها، وخروجها عن خصوصيتها التي اختصها الله بها، فان هذا قد أراد بها شرًا، ولم يرد بها خيرًا، ولهذا قال الله تعالى في مثل ذلك: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا). فمحاولة المساواة بين الرجل والمرأة في سائر الأعمال بأن يدعو إلى اختلاط الجنسين اختلاطًا كاملًا في بعض الأعمال والوظائف، وأماكن الدراسة، فهي دعوةٌ تخالف شرع الله ودينَه، فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم، ولا يدعو إلى مثل هذه الانتهاكات الشرعية. الأخذ بالدليل والدنا هناك بعض الناس يتتبع الفتاوى الأيسر والأسهل من كل مذهب، دون السير على مذهب واحد، ما نصيحتكم لهم، ومن أراد منهم التوبة ماذا عليه أن يفعل؟ الواجب على المسلم أن يبحث عن الحكم الشرعي المدلل عليه من الكتاب والسنة، فمتى علم حكمًا شرعيًا دلّ عليه كتاب الله أو سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعليه أن يأخذ به. وفي أقوال العلماء والأئمة - رحمة الله عليهم- ما هو مستند على الكتاب والسنة، ولكن خفي عليه مثلًا نص، أو فهمه فهمًا غير صحيح، فمثل هذا القول يمكن أن يعدل عنه إلى قول آخر يوافق الكتاب والسنة. وأما كونه يأخذ من كل عالم ما يسرّه، ولا يبالي هل هذا القول يوافق النص الشرعي أو لا يوافق، فلا يجوز هذا، بل يجب أن نقف مع الكتاب والسنة، فان ابن عثيمين رحمه الله قال «تبرأوا من كل قول قالوه إذا خالف الكتاب والسنة». العنف الأسري سماحة الشيخ كثرت في مجتمعاتنا حالات العنف الأسري في منازلنا، لماذا لا تصدر فتاوى شرعية صريحة لهؤلاء كي تبين لهم حكم هذا الأمر؟ على كل مسلم تقوى الله - جل وعلا- في رعيته والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (استوصوا بالنساء خيرًا، فان المرأة خلقت من ضلع أعوج، وأن أعوج ما في الضلع أعلاه، فان ذهبتَ تقيمه كسرتها، وإن استمتعت بها، استمتعت بها وبها عوج). وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم. فالواجب تقوى الله والتعامل بالمعروف، فإذا أدى كلٌ منهما الواجبات التي عليه، فعند ذلك لن يحصل العنف الأسري الذي يكون بسبب إخلال أي منهما بالحق الواجب عليه، بل سيكون بينهما مودة ورحمة بإذن الله تعالى. حالات السقط ذكرتم سابقا في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن (السقط) الذي لم يبلغ أربعة أشهر فإنه يلف في خرقة ويدفن في حفرة في المقبرة العامة دون تغسيل ولا صلاة؛ لأنه لم تنفخ فيه الروح، لكن العجيب أن يأتي أشخاص بإسقاط بلغت ثلاثة أشهر، وبعضها ثلاثة أشهر ونصف، ويقول بعضهم: إن سقطه تحرك في بطن أمه، وإنه لم يبلغ أربعة أشهر.. وعند وضع السقط على عربة التغسيل نلاحظ أن له جسمًا كاملًا، ونستطيع تمييز جنسه.. وعليه فإننا نسأل عن حركة هذا السقط ماذا تدل عليه؟ وعن اكتمال تفاصيل جسمه.. وهل تدل عن نفخ الروح فيه؟ وهل في هذه الحالة يغسل ويصلى عليه، مع العلم أن أهله أكدوا عدم بلوغ سقطهم أربعة أشهر؟ إذا بلغ السقط أربعة أشهر فأكثر غسل وكفن وصلي عليه ودفن في مقابر المسلمين كسائر الأموات؛ لأن الجنين إذا بلغ أربعة أشهر نفخ فيه الروح، فيكون نسمة يبعث ويدعى باسمه يوم القيامة، فيكون له حكم من ولد حيًا ثم مات، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة». أخرجه الإمام أحمد وأبو داود. وعلى ذلك فإن السقط إذا كان دون الأربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه؛ بل يلف ويدفن في حفرة بأي مكان من الأرض، لعدم وجود حياة فيه فلا يأخذ حكم الجنازة. النساء والخروج للأسواق هل من نصيحة منكم لبعض من النساء اللاتي يكشفن وجوههن وأيديهن، ويخرجن للأسواق في حاجة، أو بدون حاجة؟ خروج المرأة للسوق قد يكون ضرورة لها، وما كل امرأة لديها من يخدمها أو من يحضر لها حاجاتها؛ لكن ليس الشأن بالخروج، الشأن بذات المرأة عند الخروج؛ فينبغي لها عند خروجها من بيتها أن تتقي الله، ولا تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، وتحفظ بدنها، ولا يظهر شيء من جسدها مما يثير المطامع، وأعني هنا مطامع ضعفاء الإيمان، ولا تخضع بالقول، وترقق الصوت، ولهذا قال الله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)، فمجرد القول يطمع من في قلبه مرض، كيف إذا رأى شيئًا من الجسد؟ رآها مكشوفة اليدين، مكشوفة الوجه، مكشوفة القدمين، هذا أمر قد يكون خطيرًا، ويسبب لها مشكلة؛ فعليك أختي المسلمة، إذا خرجت للسوق أن تكوني بهيئة لا تمكن الطامعين والحاقدين من النظر إليك. عليه الالتحاق بها سماحة الشيخ يتساءل البعض هل يجب طاعة الوالدين إذا منعا ابنهما عن دورات حفظ القرآن الكريم والدورات العلمية وما شابه ذلك؟ إذا نهياه عن دورات القرآن والعلم النافع وأنت على يقين من هؤلاء العلماء أو الطلاب الطيبين، فعليه الالتحاق بهذه الدورات، ولا حرج عليه - إن شاء الله- في ذلك لأن الطاعة، إنما تجب في المعروف، وطيِّب خاطر والديه وطمأنتهما، والقول لهما إن حفظ القرآن، والدورات العلمية على أيدي علماء موثوق بهم، وذوي بصيرة، ومشهود لهم بالعدالة، فقد يكون الأب، والأم يخشيان من أمور سيئة. حكم زواج المسيار والدنا يكثر هذه الأيام الحديث عن زواج المسيار؛ فهل لسماحتكم رأي حول هذا الزواج؟ الزواج إذا استكمل شروطه بأن حضر الولي، والشاهدان، وحصل بين الزوجين الرضا، فقد استكمل النكاح شروطه، فإذا قال الولي زوجتك ابنتي أو أختي وقبل الزوج بقوله قبلت هذا النكاح، كان هذا النكاح صحيحًا؛ لاستكماله أركان النكاح وشروطه، فاستكمال الأركان والشروط يجعل النكاح صحيحًا، لكن يبقى أن زواج المسيار لا تستشعر المرأة منه بظل ظليل، ولا تستشعر أنها في ظل زواج، إنما الغالب أن غرضه المتعة، وذلك لا يحقق للزوجين السكن، والطمأنينة وهو المطلوب، والله يقول: (لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)، فالزوج لا يرى أنه مقيد بواجب؛ لأن بعضهم يشترط ألا يكون له ليلة في يوم معين، وإنما يأتي متى أراد، وفي الحقيقة بعض النساء تضطر لذلك؛ لحاجتها للزوج والأولاد، لكنه لا يحقق الهدف الأسمى المطلوب من الزواج، والمطلوب من الرجل إذا أراد أن يعدد فليكن شجاعًا، أما سلوك هذا الطريق في الغالب لا يتحقق منه المصلحة العامة. لا أصل لها يتبادل الناس تحايا من مثل قولهم: «جمعة مباركة: يوم الجمعة فهل يرى سماحتكم أن لها أصل؟ لا أعلم لهذه العبارة أصلًا، ولا شك أن يوم الجمعة يوم مبارك وعيد الأسبوع؛ لكن لا أعلم لها أصلًا، والأحوط ترك ذلك والاجتهاد فيها بصالح العمل والدعاء. جريمة من الجرائم تكثر هذه الأيام العديد من صور الابتزار فما حكم ما يقوم به البعض من الشباب من ابتزاز الفتيات؟ من يبتز الفتيات ويغريهن ويهددهن بأي وسيلة مجرم وخطير، فيجب منع هؤلاء، وابتزاز الفتيات الضعيفات وإغراؤهن والتغرير بهن وجرهن إلى ما لا خير فيه جريمة من الجرائم، فعلى الفتاة المسلمة أن تأخذ حذرها من أولئك الفسقة، والمجرمين المتلاعبين، وألاّ تجعل خطبتها إلا من طريق وليها أو وكيله. ترافع المرأة عن المرأة ما حكم ترافع المرأة عن المرأة في المحاكم إذا لم تجد من يترافع خاصة إذا كانت المرأة ضعيفة ولا تحسن الترافع؟ ينبغي للمرأة المسلمة أن تنيب غيرها في إقامة الدعوى لدى المحكمة العامة، ولا شك أن لها حق الحضور بنفسها، لكن المرأة في خضم الزحام بين الرجال الأحسن لها أن توكل رجلًا وتنيبه عنها، فإن المرأة مهما كانت فالنقص ملازم لها، وكونها تولي رجلًا في المحاماة عنها هذا أنفع وأوفى لحقها. في حدود شرع الله اعذرني سماحتكم على هذا السؤال: هل سيلحق بالناس الذين يدخلون الجنة من يحبونهم ممن دخل النار، بمعنى: هل من الممكن إخراج من نحب من النار حيث إن جميع مطالب أهل الجنة تُلبى؟ تُلبى مطالب أهل الجنة في حدود ما شرع الله، وتقبل شفاعتهم فيمن رضي الله عنه وأذن له، لكن أن يدخل المشركون الجنة فلا. المشرك قال الله تعالى عنه: (إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)، فلا يشفع الشافعون إلا في الموحدين الذين عظمت ذنوبهم وخطاياهم؛ لكنهم موحدون لم يخرجوا من ملة الإسلام، هؤلاء يمكن الشفاعة فيهم، يقول الله تعالى لملائكته أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله ومن في قلبه مثقال ذرة من إيمان، أما المشركون العابدون غير الله الكافرون بالله فهؤلاء لا يرحمهم أحد، ولا يشفع فيهم أحد، قال تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ. الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ). العفو عن القاتل كثيرا ما يحصل العفو عن القاتل.. فهل العفو عن القاتل من قبل أصحاب الدم يسقط الحق عند الله عز وجل؟ قتل النفس يتعلق فيه ثلاثة حقوق: حق لأولياء المقتول، وحق لله عز وجل، وحق للمقتول نفسه، فحق الأولياء يسقط بالقصاص أو بالدية أو العفو، وحق الله عز وجل يسقط بالتوبة، ويبقى حق المقتول فيقتص منه يوم القيامة. تداخل الأوقات يتساءل النساء عن هذه المسألة، وأعني بها: إذا أتت المرأة الدورة الشهرية وقد دخل وقت صلاة الظهر، فهل إذا طهرت تصلي الظهر والعصر معا أم ماذا؟ - يقول الفقهاء رحمهم الله: إن المرأة إذا أتتها العادة بعد دخول وقت الظهر، ولم يمكنها أن تصلي الظهر فإنها تقضي تلك الصلاة وذلك إذا أدركت من وقتها قدر ركعة من الصلاة، ثم حاضت على الصحيح من أقوال العلماء، فإذا طهرت قضتها، وعلى ذلك تجب في ذمتها صلاة الظهر فتعيدها أي تقضيها بعد الطهر، ولكن لا تقضي معها غيرها؛ لأن الصلاة التي بعدها أدركت وقتها، وهي معذورة بالحيض فلا تجب عليها، لكن إذا طهرت قبل خروج وقت العصر فإنها تقضي العصر والظهر معا، أو طهرت قبل خروج وقت صلاة العشاء، فإنها تقضي المغرب والعشاء معا، قالوا: لأنها تصلى وما يجمع إليها معها، فطهرها قبل غروب الشمس يوجب عليها الظهر والعصر، وطهرها قبل طلوع الفجر يوجب عليها المغرب والعشاء، أما حيضها بعد دخول وقت الظهر فإنما يلزمها قضاء الظهر فقط. بقية التكبيرات سماحة المفتي هناك مسألة تتعلق بعض المصلين حيث يكتفون بما يدركونه من تكبيرات صلاة الجنازة، ولا يقضون ما فاتهم من التكبيرات بعد سلام الإمام من صلاة الجنازة، فهل يجب عليهم قضاء تلك التكبيرات؟ السنة أن يكملوا بقية التكبيرات، ويقضوا ما فاتهم من التكبيرات بعد سلام الإمام حتى ينالهم ثواب من صلى على الجنازة. ترجمة القرآن الكريم يتساءل البعض بالقول: «أريد فتوى عن السؤال أدناه أفتى بها المجمع الفقهي مع العلم أن السؤال دقيق جدا وهو: هل يجوز لغير المسلم مس مصحف يشتمل على القرآن الكريم وترجمة أعجمية لمعاني الآيات ونسبتهما في الكتاب متساوية تقريبا أو تزيد الترجمة قليلا على القرآن في البداية والنهاية بمقدار صفحات مثل المصاحف التي تطبعها المملكة العربية السعودية؟ وهل تطبق القاعدة الأصولية: إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح وتعتبر في المسألة نسبة القرآن قليلة جدا ومهملة النسبة مقارنة بالترجمة؛ ككتب التفسير، مثل تفسير ابن كثير، والفقه مثل أحكام القرآن؟، أم أن الكتاب بهذا الاعتبار لا يسمى أصلا مصحفا ويجوز بالتالي للحائض وغير المسلم مسه؟ - لا حرج في أن يمس الكافر كتاب ترجمة معاني القرآن؛ لأنه ليس بقرآن؛ وإنما هو كتاب تفسير؛ أي تفسير لمعاني القرآن الكريم فليس له حكم القرآن، بل له حكم التفسير والتفسير، يجوز أن يحمله المحدث، والمسلم، والكافر. ولدنا هل يجوز لبس الكمامات الصحية للمحرم الذي يريد أداء العمرة أو الحج؟ إن كان الكمام هذا مغطيًا لجميع الوجه بأكمله؛ ففيه الفدية المخير فيها بين ثلاثة أمور هي: الإطعام، أو الصيام، أو الدم، هذا إن احتاج إلى لبسه ولبسه، أما إن لم يكن محتاجًا لذلك فلا يلبسه، أما إن كان جزءا يسيرًا على الأنف أو الفم فقط ولم يستوعب الوجه كله فأرجو أن لا حرج فيه. زوج لا يصلي سماحة المفتي هذا سؤال لامرأة تقول فيه ان زوجها لا يصلي وكلما نصحته يقول: إن شاء الله سوف أصلي وهي متزوجة منه منذ اثنتي عشرة سنة، ودائما يترك المنزل غضبا منها ويقول: لن أعود إلى المنزل حتى تعرفي كيف تتكلمين معي، وتتركين مضايقتي بهذا الكلام، وعندها منه خمسة أولاد فهل يجوز لها أن تترك نصيحتها له أم كيف توجهونها جزاكم الله خيرا؟ نقول لهذه المرأة المسلمة الخائفة على نفسها وزوجها وأولادهما من عذاب الله يا أختي واصلي نصيحته ولا يضرك كونه يغضب وكونه يترك المنزل وابقي مع أولادك وتولي تربيتهم وانصحي زوجك وأكثري من النصح له وامتنعي عن الفراش، فلعل ذلك من أسباب هدايته وتبصره في واقعه - إن شاء الله-، وإن علمت أحدًا له تأثير عليه من أقاربك أو أقاربه فاطلبي منه أن ينصحه، وعليك بالرفق في شأنك معه حتى يلين قلبه لقبول الحق. صلاة الفجر .. وماذا على المسلم إذا ترك إحدى الصلوات؛ كالفجر - مثلًا-؛ هل تقبل منه الصلوات الباقية؟ وما نصيحتكم لمن يفعل ذلك؟ أوجب الله على المسلم في يومه وليلته خمس صلوات فإذا تركت فريضة بلا عذر من (نوم أو نسيان) فإنه يخشى عليه من عقوبة الله بل من العلماء من يقول من ترك فرضا متعمدا فإنه يكفر بهذا الأمر، فإن الله أوجب عليك خمس صلوات. فاجتهد أخي في المحافظة عليها ومن كان قد جرى منه شيء من ذلك فيما مضى فيتوب إلى الله في مستقبل عمره، ويتقرب إليه بنوافل العمل، واسأله العفو والتجاوز عما مضى مع المحافظة التامة على الصلاة فيما بقي من عمره، لعل الله أن يقبل توبته ويقيل عثرته. ناقض للوضوء هل لمس عورة الطفل ينقض وضوء من غسله، وإذا كان الجواب بالنفي فإلى كم سنة من عمر الطفل يستمر هذا الحكم؟ الأصل أن لمس العورة من صغير أو كبير ناقض للوضوء؛ فالمرأة عندما تريد إزالة الأذى عنه إن هي باشرت عورته بيدها فإن ذلك ناقض لوضوئها. أهمية الدعاء نريد من سماحتكم الحديث عن أهمية الدعاء، لأن الكثير من الناس يغفل عنه، ويتناسى أهميته في قضاء الحوائج وتفريج الكربات؟ إن الله سبحانه وتعالى قد تكفل لمن طرق باب الدعاء أن يجيب سؤاله، ويحقق طلبه قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال جل جلاله: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وفي الحديث القدس الذي يروه نبينا عن رب العالمين قال: «يا عبادي كلكم ضال فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم عار فاستكسوني أكسكم، يا عبادي كلكم جائع فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم»، وقد دعا جل وعلا عباده الذين انغمسوا في المعاصي وبرزوا ما يبغضه دعاهم إلى الاستغفار والتوبة إليه: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)، والدعاء له أهمية عظيمة في حياة المسلم، ولا يستغني المسلم عن الدعاء، فكم فرج به كرب، وكم نجا فيه بلاء وكشف به ضرر، وستوجبه في الرحمة والعفو من الله، والنعم الظاهرة والباطنة. الدعاء هو العبادة فأهمية الدعاء إذا تأملها المسلم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم رأى للدعاء أهميةً عظيمة، فمن ذلك أن الدعاء يرد القدر تقول عائشة - رضي الله عنها- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر» وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يغني حذر عن قدر، والدعاء ينفع مما وقع ومما لم يقع، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيتعالجان إلى يوم القيامة»، والدعاء مخ العبادة وخلصها يقول صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» وفي رواية: «الدعاء مخ العبادة»، والدعاء طريق الأنبياء والمرسلين والتابعين لهم قال تعالى عن أنبيائه: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، وقال عن صالح عباده: (كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).