سنوات والشارع السعودي ينتظر مَن يعلق الجرس. مَن يعترف بتغلغل التطرف الشيعي داخل البلاد، كما هو في دول مجاورة أخرى. التطرف يزداد وتتسع رقعته، ولا أحد يستطيع السيطرة عليه، فأولى خطوات العلاج الاعتراف بالمرض، ولكن كيف يتم ذلك ولا أحد من كبار الشيعة السعوديين يشير لهذا التطرف من بعيد أو قريب. ظل الحال على ما هو عليه حتى أصبح التطرف الشيعي يراه الجميع إلا أهله. يُشار له بالبنان في كل صوب، إلا مكان انتشاره، قبل أن يحدث ما لا يتمناه أحد، إثر اندلاع أحداث الشغب في القطيف، التي كان وقودها ومشعلها ومحركها المتطرفون الشيعة. ولأن التطرف الشيعي تمادى حتى غدا غولاً مؤذياً لأهله أولاً، كانت الأنظار معلقة باتجاه مَن سيرفع الراية محذراً من الانسياق خلف أولئك المتطرفين، الانتظار كان طويلاً ومملاً، إلى أن حذر، أخيراً، الشيخ حسن الصفار من الصمت على تنامي التطرف بين إخواننا الشيعة، مؤكداً أن عليهم ""ألا يسكتوا على تيار التطرف الذي برز في أوساطهم والذي يعمل على استفزاز مشاعر الآخرين والنيل من رموزهم""، نعم هو كذلك، يستفز مشاعر المواطنين السعوديين، وينال من رموزهم على مسمع العقلاء، ومَن كنا نظنهم عقلاء. هذا التحذير الذي لا يخص الشيعة وحدهم كما يظن البعض، بل هو شأن سعودي ومقلق للشارع بأكمله، فكما أن التطرف السني تضرر منه المجتمع بأسره، كذلك تنامي التيار المتطرف بين الشيعة، هو أمر يقلق السعوديين بكافة مشاربهم، وإلا فليشرح لي أحد، لماذا تطورت أحداث الشغب في القطيف لتصل إلى إطلاق النار على الأبرياء أطفالاً ونساءً، واعتداءات مسلحة على مدرسة ثانوية وسجن ومحكمة ومنشآت عامة وخاصة، وسرقات للمحال التجارية والمنازل؟ فلولا إيمان المتطرفين أن هناك مَن ""يتفهم"" ما قاموا به، ولم يواجههم أحد بتطرفهم إطلاقاً، لما استمروا يفسدون في الأرض، ولولا اتساع رقعة المبررين لفعل إجرامي في حق الوطن وأهله، لما قضى العديد من الأبرياء، سواء من المواطنين أو رجال الأمن. المتطرفون انغمسوا في القتل والترويع بعد أن وجدوا مَن يمهد الطريق أمامهم، ويدافع عنهم، وينزع عنهم صفة التطرف والإرهاب، ويلبس ما يجري لباساً ما أنزل الله به من سلطان، بوصفه ب ""الحراك"" و""المطالب المشروعة"" وغيرها من العبارات التي تخفّى تحتها المتطرفون، معتقدين فعلاً أنهم ""ناشطون""، مَن يدري ربما كانوا يقصدون شياطين! ما يحدث من أعمال شغب في القطيف، والعوامية تحديداً، خلال عامين، دخل تحت عباءتها متطرفون وإرهابيون وأيضاً أبرياء، لم يضر أحد كما ضر سكان المدينة وضواحيها. غاب صوت العقل والمنطق، لصالح صوت المصالح والبحث عن الشعبية، وفي أضعف الإيمان الخوف من خسارة الأتباع، وهي تجارة رائجة في وقتنا هذا، لذا يلوذ الكبار بالصمت وعدم تسمية الأسماء بأسمائها. ويتوارون طويلاً، كما يتوارى هذه الأيام كثيرون عن إرهاب ""القاعدة"". أما وقد فعلها الشيخ الصفار وعلق الجرس وسمّى الأسماء بأسمائها، فشكراً له، وشكراً للعقلاء دوماً وأبداً، ولا عزاء للمتطرفين سنتهم وشيعتهم.