مكتب الوزارة بصبيا ينفذ مبادرة تشجير بمساجد محافظة ضمد    استقرار أسعار النفط مع ترقب قرار المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة    علماء يبتكرون طريقة ذكية لتفعيل أدوية السرطان داخل الورم    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    قطر تدين بأشد العبارات العملية البرية الواسعة التي بدأها الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة    إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على طريق المطار في المدينة المنورة    أمانة تبوك تضبط منزلًا لتخزين لحوم مجهولة المصدر    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لمنتجي النفط والغاز    ضبط مواطنًا مخالفًا للائحة الأمن والسلامة في ضباء    بريطانيا تدين الهجوم الإسرائيلي على غزة    الإنجازات الأمنية على طاولة نائب أمير الرياض    المياه الوطنية وصندوق الشهداء يوقعان اتفاقية تعاون    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    الحكومة السورية ملتزمة بمحاكمة مرتكبي الجرائم.. خارطة طريق لاستقرار السويداء    في ختام الجولة الأولى بنخبة آسيا.. الهلال يقلب الطاولة على الدحيل القطري    وزير الدفاع وأمين مجلس الأمن الإيراني يبحثان الموضوعات المشتركة    في بداية مشواره بدوري أبطال آسيا الثاني.. النصر يستضيف الاستقلال الطاجيكي    «أليانتس أرينا» يعيد التاريخ بين بايرن والبلوز    بناء صورة جديدة للمملكة    موهبة بلجيكية تجذب اهتمام الهلال وأندية أوروبية    الصناعة تتوج بجائزة التميز    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    مجلس الوزراء يوافق على وثيقة مشروع تخصيص مصنع الملابس والتجهيزات العسكرية    وفاة 5 أشخاص وإصابة 2 آخرين إثر حادث انقلاب مركبة في جازان    إعطاء أفضلية المرور.. تحقيق للسلامة المرورية    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    سفاسف (الظهور)..!    «العرضة» على شاشة الثقافية اليوم الأربعاء    هل ستستمر مواقع التواصل الاجتماعي؟    مشاركات فاعلة في صون الطبيعة وحماية البيئة.. السعودية رائد عالمي في الحفاظ على «طبقة الأوزون»    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    موجز    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    انتظر في حسرتي لين الغياب    ماكل هرج نسمعه نستمع له ولا كل من وصِي على الطيب طابي    Guinness توثق أكبر طبق جولوف    %44 من شركات إنتاج الروبوتات يابانية    نشاط بركاني طويل على القمر    غوتيريش: الوضع في غزة «مروع»    يوم النخيل العربي    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    الهلال يتغلب على الدحيل بثنائية في النخبة الآسيوية    الهلال يبدأ مشواره في دوري أبطال أسيا للنخبة بالفوز على الدحيل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    بيئة الرياض تتلف 3 أطنان من اللحوم غير الصالحة وتضبط 93 مخالفة في سوق البطحاء    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    المواطن أولا رؤية وطن تتجدد حتى 2030    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«يا محمد»!

منذ عقدين كان الناس اعتادوا في السعودية، إذا أرادوا مناداة أي عامل من الجنسية الشرق آسيوية يجهلون اسمه، ينادونه «يا صديق» أو «يا رفيق» وغيرهما، حتى أن تلك الألقاب الوصفية أضحت دارجة، وانتشرت بين المواطنين والمقيمين على حد سواء... وكانت تلك الألقاب الوصفية تدل على أن المنادى من جنسية تقل شأناً عن غيرها من الجنسيات الأخرى؛ لأن معظمهم يعملون في مهن بسيطة.
قبل خمس سنوات اختفت تلك الأسماء، واستبدل بها الناس اسم «يا محمد»، ولكن بقي المنادى أولئك الفئة من العمالة التي تمتهن الأعمال البسيطة، بل أصبح الاسم يشمل أي عامل من أي جنسية يعمل في أي مهنة بسيطة في الأسواق والمحال التجارية، بل وشمل الاسم حتى العمال الذين لا يدينون بالإسلام، كما انتشرت هذه الظاهرة أيضاً بين الأولاد، إذ اعتادوا مناداة عامل القمامة، أو عامل «الكافتيريا»، أو عامل البقالة ب«يا محمد»، ما يبدو وكأنهم يتقصدون التقليل من شأن المنادى.
لو أن عادة النداء باسم «محمد» كانت تسري على كل شخص نكرة، أو مجهول الهوية، بغض النظر عن جنسيته، أو عرقه، أو دينه، أو وظيفته، لأُولنا ذلك الفعل بأنه اقتداء باسم النبي محمد «صلى الله عليه وسلم»، ويثاب فاعله خيراً، أما أن ينحصر هذا الاسم بأشخاص يعدوّن في نظر المجتمع بأنهم أقل قيمة اجتماعية من غيرهم، فهذا يعدّ استصغاراً وتقليلاً من شأن الرسول «صلى الله عليه وسلم»، والدليل على ذلك أنه لا أحد يجرؤ على مناداة موظف رسمي، أو مهندس، أو رجل أمن... بهذا الاسم حين يود مخاطبته ويجهل اسمه، إذ تستعمل أسماء ومصطلحات أخرى، مثل: «يا شيخ، يا لخو، يا أخ، يا عم، يا أستاذ، يا سيد، يا باش مهندس... إلخ».
أمرنا تعالى بالتأدب مع رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُون)... قال المفسرون في تأويل الآية: «ولا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضا بِاسمه: يا محمد، ولكن قولاً ليناً وخطاباً حسناً بتعظيم له وتوقير وإجلال: يا نبي اللَّه، يا رسول اللَّه».
في الحديث الشريف «لما أنزل الله على رسوله، صلى الله عليه وسلم (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي)، دخل ثابت بن قيس بيته، وأغلق عليه بابه، وطفق يبكي، ففقده رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شأن ثابت؟ فقالوا: يا رسول الله، ما ندري ما شأنه، غير أنه قد أغلق عليه باب بيته، فهو يبكي فيه. فأرسل النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأله: ما شأنك؟ قال: يا رسول الله، أنزل الله عليك هذه الآية، وأنا شديد الصوت، فأخاف أن أكون قد حبط عملي»، فإذا كان هذا الأمر الإلهي نزل بصحابة رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، أفلا يدعونا ذلك أن نتأدب معه أيضاً؟
من أعظم حقوق النبي «عليه الصلاة والسلام» علينا أن نتأدب معه، بل إن الأدب مع النبي، صلى الله عليه وسلم، في حياته وبعد مماته واجب من أعظم الواجبات، وحين نتدبر كتاب الله، عز وجل، نلاحظ أن كل الأنبياء ناداهم الله، جل وعلا، بأسمائهم المجردة، إلا المصطفى، صلى الله عليه وسلم. فعلى سبيل المثال، قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)، (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ). وينادي عليه بصفته: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا)، (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ). وما ذكر الله اسم النبي «صلى الله عليه وسلم» مجرداً قط إلا مقترناً بصفة النبوة والرسالة، مثل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ). (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ). (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ). فهذا هو خطاب ملك الملوك وجبار السموات والأرض لنبينا وحبيبنا «صلى الله عليه وسلم»؛ ليعلّم الله، جل في علاه، الصحابة، رضوان الله عليهم، بل وأهل الأرض جميعاً، كيف يتأدبون مع الحبيب «صلى الله عليه وسلم» وكيف ينادونه.
اسم محمد النبي «صلى الله عليه وسلم» رفعه الله، جلّ وعلا. فنأتي نحن لنقلل من شأن هذا الاسم؟ قال تعالى: (ورفعنا لك ذكرك). قال أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه، في معرض تفسير هذه الآية، عن النبي، صلى الله عليه وسلم. قال لي: إن جبريل، عليه السلام، قال: قال الله، عز وجل: إذا ذكرت رفعنا لك ذكرك، بأن جعلناك رفيع الشأن، سامي المنزلة، عظيم القدر، ومن مظاهر ذلك: أننا جعلنا اسمك مقروناً باسمنا في النطق بالشهادتين، وفي الأذان، وفي الإقامة، وفي التشهد، وفي غير ذلك من العبادات، وأننا فضلناك على جميع رسلنا، بل على جميع الخلق على الإطلاق، وأننا أعطيناك الشفاعة العظمى، وجعلنا طاعتك من طاعتنا.
اسم محمد منقول من الصفة، فالمُحَمّد في اللغة هو الذي يُحمد حمداً بعد حمد، وهو الذي حُمِدَ مرة بعد مرة، كما أن المكرّم من أُكرم مرة بعد مرة. فاسم محمد مطابق لمعناه، والله، سبحانه وتعالى، سمّاه به قبل أن يُسمّي به نفسه، فهذا عَلَمٌ من أعلام نبوته. إذ كان اسمه صادقاً عليه، فهو محمود، عليه الصلاة والسلام، في الدنيا، بما هدى إليه، ونفع به من العلم والحكمة، وهو محمود في الآخرة بالشفاعة العظمى.
تعليم الآباء أبناءهم، والمدرّسون طلابهم كيفية تعظيم اسم نبيهم محمد، صلى الله عليه وسلم، أفضل بكثير من إقامة معرض «السلام عليك يا رسول الله» في مكة المكرمة، أو من «مشروع تعظيم النبي»، اللذين لم يسمع بهما إلا من رحم ربي.
* باحث في الشؤون الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.