من المعلوم أنَ الرسول صلى الله عليه وسلم هو المصدر الوحيد الذي تلقينا منه تعاليم الشريعة الإسلامية ، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين ، والكتاب الذي جاء به نسخ ما قبله من كتب ، فالرسالة التي بعث بها المولى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هي الرسالة التي يتوجب إتباعها دون غيرها من الرسالات ، وبالتالي ينبغي التأدب مع من بلغها في جميع العصور من يوم بعثته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولنا أن نتعلم من صحابته رضوان الله عليهم الأسلوب الأمثل في التعامل معه صلى الله عليه وسلم ، روى أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير ، وفي رواية أخرى: (إذا تكلم أطرق جلساؤه وكأنما على رؤوسهم الطير) والله عز وجل أمر بالتأدب مع المصطفى صلوات ربي وسلامة عليه (يَا أَيُّهَا الَّذينَ ءامنوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ) وقد أوضحت هذه الآية الكريمة على وجوب التأدب في مناداته فلا ينادى وقت الخطاب باسمه أو كنيته فلا يقال : يا أحمد ، يا محمد ، يا أبا القاسم ، ولكن يجب أن ينادى بي: يا نبي الله ، يا رسول الله ، وقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذا الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهده خشية أن تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون ، والواجب على كل مسلم أن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث لا يرفع صوته عند سماع أحاديثه صلى الله عليه وسلم لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً سواءً بسواء ، وأن أحاديثه تقوم مقامه ، يقول ابن العربي رحمه الله تعالى - حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته حياً وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه ، فإذا قُرِيء كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه ، ولا يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به – وورد في الذكر الحكيم وجوب عدم مناداته بطريقة جافة ومزعجة بل لا بد من مراعاة مقامه وقدره (إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهم لاَ يَعْقِلُونَ ...) وفي هذه الآية دلاله على وجوب عدم مناداته بصوت مرتفع خالٍ من الاحترام والتقدير بل ينبغي أن ينادى بصوت منخفض وبصيغة معينة تتناسب مع قدره وعظمته ووقاره ، وقد جاء في الكتاب الكريم بموضع أخر قوله تعالى (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ...) ورب العزة والجلال لم يناديه في كتابه الكريم باسمة ، وإنما ناداه بصفة النبوة والرسالة وغيرها من الصفات الثابتة له في القرآن الكريم كقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا...) و(يا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ قمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً..) و(يَا أّيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ) و(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) و(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) .... فهل لنا أن نتأدب مع سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه في الخطب والدروس وعند كتابة اسمه ، ونلتزم بما أمرنا به المولى من تأدب كما جاء في القرآن الكريم ، وأحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام . ومن أصدق من الله قيلاً (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) .