إبراهيم بن سليمان الحيدري - الاقتصادية السعودية باستثناء موضوع ""العمل الخيري والإرهاب"" فإن ما كتب عن العمل الخيري السعودي باللغة الإنجليزية وبأيد غربية من أبحاث وتقارير علمية لا يكاد يتعدى أصابع اليد الواحدة. ومع قلته فإن الاطلاع عليه مهم لأنه وسيلة إضافية لتقييم أدائنا حكومة ومجتمعاً في مجال نمتلك فرصة كبيرة لنتميز فيه على المستوى العالمي. بين يدي ثلاثة مصادر رصينة تحدثت عن العمل الخيري السعودي بشيء من التحليل والتقييم. أول هذه المصادر تقرير نشرته Caroline Montagu في مجلة ""الشرق الأوسط"" Middel East Journal عام 2010 عن العمل التطوعي في السعودية، وتذكر في ثنايا التقرير أن العمل التطوعي فرصة للحكومة والمجتمع لإجراء إصلاح اجتماعي، وأن القطاع التطوعي يمكن إن يلعب دوراً مكملاً للحكومة في تقديم الخدمات، ومع ذلك تبدو الحكومة غير متحمسة لتطوير العمل التطوعي. وهذا ما يؤكده أن القطاع الخيري السعودي لا يزال متأخرا عن بقية دول الشرق الأوسط من ناحية عدد المنظمات الخيرية بالنسبة للفرد وتنوع أنشتطها. لكن الكاتبة تبالغ عندما تدعي أن الحكومة تحاول فرض سيطرتها على القطاع الخيري، لأنه ربما مثل قوة موازية للحكومة. وفي مقال تحليلي عن المساعدات الإغاثية السعودية بعنوان: السعودية كمانح إنساني: فرص عالية وتنظيم مؤسسي ضعيف Saudi Arabia as a Humanitarian Donor: High Potential, Little Institutionalization الصادر عن المعهد العالمي للسياسات العامة في برلين GPPi عام 2011، يذكر الباحثان أن السعودية تعد أكبر مانح من خارج الدول الغربية، وقائدة المساعدات الإغاثية للعالمين العربي والإسلامي، حيث بلغت المساعدات السعودية لما بين عام 1975 وعام 2005 قرابة 90 مليار دولار. وبحسب الباحثين فإن القدرات الفعلية للمملكة لا توازي الالتزمات المتزايدة. تفتقر المملكة إلى إطار متماسك ومنظم للمساعدات الخيرية، ولا توجد وكالة مركزية للتنسيق والإشراف على عمليات الإغاثة. ويضيفان أن هناك في المملكة ندرة في الموظفين الدائمين من ذوي المهنية العالية القادرين على إدارة المبالغ الإغاثية الطائلة التي تقدمها المملكة. ويخلص الباحثان إلى أن هذا جعل كثيرا من الجهات ذات العلاقة بالشأن الإغاثي العالمي، ترى ذلك تقاعساً من المملكة في استثمار فرص كثيرة ومهمة. ويختم الباحثان المقال بعدة توصيات لمتخذي القرار في المملكة. وفي تقرير عن الوضع القانوني للعمل الخيري في السعودية، أعده المعهد العالمي للقانون غير الربحيInternational Center for Not for Profit Law ومقره أمريكا، يصف التقرير القطاع الخيري السعودي بأنه على الرغم من توافر تراث ديني وثقافي واجتماعي للمجتمع السعودي في العمل الخيري، إلا أن القطاع الخيري يبدو غير متطور. ويذكر أسبابا عدة لذلك، منها أن الإطار القانوني للعمل الخيري تقليدي وتقييدي، وأن عمل المنظمات الخيرية غير شفاف، ويعدم المتخصصين في تأسيس منظمات خيرية فاعلة ومستدامة. ويثير التقرير موضوع استقلالية المنظمات الخيرية، حيث يعتبر التقرير - وفقاً لمقارنة السعودية بغيرها - أنه لا توجد سوى منظمات خيرية قليلة مستقلة عن الجهاز الحكومي. كان هذا استعراض دون تدخل أو نقد لبعض أبرز ما كتب عن العمل الخيري السعودي، ويبقى السؤال: هل يا ترى نرضى بهذه الصورة الذهنية التي ترسمها مثل هذه التقارير عنا؟ بالتأكيد بعض ما قيل غير دقيق، لكن أكثره يحتاج من المخلصين إلى وقفة وعمل.