في برنامج حراك جعلني الأستاذ سليمان الدويش أضرب كفا بكف، إذ أن آراءه عن العمل والمنتمين لبعض المهن لا تستقيم بتاتا مع نظرة الدين بل تستقيم مع العادات والتقاليد «كتكريس وتثبيت»، فكيف يساير العادة ويغفل سنة الله في خلقه والقائمة على العبادة وعمارة الأرض. فهو يوافق على العمل إلا أنه يرفض تزويج من يصنفه المجتمع في خانة «الصانع» وهي نظرة اجتماعية وليست دينية ولو أن الأستاذ الدويش تريث قليلا وتذكر سيدنا داود عليه السلام والذي ألان الله له الحديد وعلمه صناعة الدروع «وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون» فهل كانت صناعة الحديد منقصة لداود عليه السلام وفرزا اجتماعيا وتصنيفه من الطبقة الدنيا أم صناعة الحديد منحته ميزة وجعلته مبرزا دون العالمين. كما أن النبي نوح صنع سفينته من ألواح ودسر، والأمثلة عديدة على أهمية الصناع عبر التاريخ الإسلامي. ونحن الآن نعيش تقسيما دوليا يجعل الدول الصناعية في المقدمة ويجعل الدول الأخرى في خانة المتخلفة، فهل نواصل تخلفنا باحتقار الصناعة والصناع؟ كما أن السيرة حملت أخبار الصحابة الذين عملوا في مهن صناعية كثيرة فهل كان المجتمع الإسلامي الأول ينبذهم ويقلل من شأنهم ؟ وزاد الأستاذ سليمان الدويش حيرتي «في كون وصفه داعية» بأن يطالب الدولة بصرف أموال لربات البيوت من غير أن يعملن «وفق احتياجهن والعمل المعروض عليهن» ودهشتي منبعها أيضا أن الأستاذ الدويش لا يستند على الرؤية الدينية والتي تحث على العمل فهو يسير وفق عادات وإلا لتذكر قصة ابنتي النبي شعيب اللتين كانتا تخرجان للسقاية «وهي قصة معروفة حين التقى بهما النبي موسى وهو دليل أيضا على الاختلاط» وثمة قصة أخرى ومن القرآن أيضا حينما عملت أم موسى مرضعة لابنها في قصر فرعون. وعبر التاريخ عملت المرأة في التجارة «بيع وشراء» والزراعة والتطبيب وعملت خادمة وإلى وقت قريب كانت النساء يقمن بغسل الثياب وكيها. قيمة العمل مقدسة وأي مهنة تعتبر جهادا كونها بحثا عن رزق يسد الحاجة. وصاحب العمل «صانع أو قبلي قروي أو حضري» هو تصنيف واحتقار اجتماعي جعلنا نقتعد الصفوف الخلفية للعالم، والسبب أن هناك واعظين يقدمون عاداتهم وتقاليدهم ويغضون الطرف عما أمر الله به من عمارة للأرض، وعمارة الأرض معني بها الرجل والمرأة.