ثلة من الرجال قابلوا وزير العمل الدكتور عادل فقيه، ليعترضوا عليه لتأنيث محال النساء، وعمل المرأة بشكل عام، وموضوع قرار عمل المرأة في المهن والوظائف ليس قرار الوزير عادل فقيه، ولا قرار الحكومة، كما يظن البعض من المحتسبين، ولا هو قرار المحتسبين التقليديين المعارضين لمشاركة المرأة في الحياة العامة، وليس قرار الفئات المستنيرة، أو الليبرالية.. ليس كل هذا، بل هو قرار ضرورة المعيشة والمجتمع، وهذا المجتمع نصفه نساء مُنعن من الرزق بسطوة التقاليد زمناً طويلاً، اليوم وهن يزحفن لسوق العمل ليكسبن الرزق في وطنهن، ولسد فجوة يحتلها العامل الأجنبي، يجدن قلة من التقليديين يطالبون بقطع أرزاقهن، وترك العامل الأجنبي يبيع للمرأة مستلزماتها، بينما تعاني المرأة العوز والحاجة. من حق المرأة كإنسان العمل في كل مكان، هذا حق شرعي لا خلاف عليه منذ عهد النبي - عليه أفضل الصلاة والسلام - وهو الشيء الطبيعي، وقرار المنع هو الشيء الشاذ وغير الطبيعي، فالمرأة التي تعلمت مثل الرجل صارت قادرةً على الوقوف في ميدان العمل.. فهل نستقدم الأجانب بدلاً منهن، وهن محتاجات وراغبات في العمل؟ وما سر إصرار المحتسبين على وزير العمل بمنعهن؟ وهل يملك الوزير حق منعهن فعلاً؟.. لا أعتقد أن أي جهة حكومية تستطيع منع المجتمع من ممارسة حقوقه المشروعة في العمل الشريف والكسب من أجل الحياة الكريمة. المحافظون الذين يسمون أنفسهم بالمحتسبين الآن هم فرق مصالح ومنافع، وقرار عمل المرأة قرار مجتمع قبل أن يكون قرار حكومة، ووجود فئة ترفض التطور لها كل الحق في صون نفسها عمّا لا تريد من تطور، لكن أن تمنع المجتمع من التقدُّم والتطور والعلم، لأن المجتمع لا يتفق معها في الرأي، فهذا شيءٌ عجيب. إن محاولة استعادة السلطة على المجتمع بخلط التقاليد بالدين، وتوجيه الكثير من الناس بقلة منهم لها رأيٌّ وفكرٌ تنسبه للدين ليس عملاً صحيحاً، ومن حق هذه الفئة منع بناتها ونسائها، أما قطع رزق الباحثات عن فرص العمل فهذا ظلمٌ، ومحاولة جعل المجتمع في هذا الفكر الضيق مستحيلة هذه الأيام. علينا أن نقبل المحتسبين بصفتهم فرقة صغيرة من المجتمع لها رأيٌّ ونحترم رأيها، لكن أن تريد تسيير المجتمع برأيها الضيق، فهذا أمرٌ غير مقبول، وما دام المجتمع ملتزماً بأخلاقه ونظامه الاجتماعي، فهذا تطور المجتمع، ولا يجوز لأي سلطة أو محتسبين منعه.