تبرز أهمية هذا الإصدار التاريخي في أن سير أئمة الحرمين تتضمن أحداثاً وأخباراً تدل على جوانب من تاريخ الحرمين الشريفين، وتعد محفزاً على تقديم البحوث التاريخية الممنهجة في هذا المجال (تاريخ أمة في سير أئمة) اسم لكتاب مبارك أهداني إياه مشكوراً أحد الأصدقاء؛ ألفه فضيلة الشيخ الدكتور/ صالح بن عبدالله بن حميد، وترجم فيه في مجلدات خمسة لأئمة الحرمين الشريفين منذ بزوغ العهد الإسلامي الزاهر، بدءاً بإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مروراً بالعصور الإسلامية المتوالية، وصولاً إلى العصر الحديث، مرتبين حسب تواريخ وفياتهم. الكتاب افتتحه المؤلف بمقدمة مستفيضة تتحدث عن الكعبة وعمارة الحرمين عبر العصور، ووظائفهما، واشتمل القسم الأول (بمجلداته الثلاثة الأولى) على تراجم أئمة المسجد الحرام، ومن فروعه من حج بالناس وأئمة التراويح. والقسم الثاني (بمجلديه الرابع والخامس) في تراجم أئمة المسجد النبوي، ومن فروعه أئمة التراويح ومن ناب في الإمامة أو الخطابة، وفي آخر كل قسم من القسمين سرد لمن لم توجد له ترجمة. الكتاب الذي أصدره مركز تاريخ مكةالمكرمة التابع لدارة الملك عبدالعزيز التي يرأس مجلس إدارتها المؤرخ الواعي لتفاصيل التاريخ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، امتاز بكونه شمل جميع القرون الهجرية، ولذا يعد إضافة للمكتبة الإسلامية التاريخية، يقف خلفها جهد طويل ومميز للدكتور صالح الذي أفاده قربه من الحرم المكي وانتماؤه إليه مبكراً في كتابة هذا الجمع، رغم قلة المراجع وندرتها بخصوص تاريخ الحرمين الشريفين، وضعف حركة التأليف حولهما. تبرز أهمية هذا الإصدار التاريخي في أن أخبار أئمة الحرمين وسيرهم تتضمن أحداثاً وأخباراً تدل على جوانب من تاريخ الحرمين الشريفين، ويعتبر محفزاً للباحثين على تقديم البحوث التاريخية الممنهجة والدراسات العلمية الجادة التي تخدم تاريخ الحرمين الشريفين، وما يتعلق بجوانبها السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، كما يعتبر داعياً إلى التدوين الآني لأهل كل عصر عن عصرهم، فما قد يكون معلوماَ لديهم عن المقدسات قد لا يكون معلوماً لغيرهم ولمن بعدهم.. توقفت وأنا أقرأ في تراجم الكتاب عند ثلاثة أسماء لي بها علاقة القربى؛ الأول لفضيلة الإمام الشيخ السيد محمد فدعق الذي ذكر المؤلف في القسم الأخير أنه لم يجد له ترجمة، والصحيح أنه السيد عبدالله فدعق؛ وفي ترجمته أنه كان إماماً وخطيباً بالمقام الإبراهيمي، قبل نحو قرنين، وتوفي غريقاً في سفينة شراعية عام (1264ه).. الثاني هو السيد عمر فدعق؛ ابن السيد عبدالله السالف الذكر، الذي ذكر في الكتاب أن جده السيد حسين، والصحيح أن جده هو السيد عمر بن حسين (وفي ترجمته الموجودة في مكتبة جامعة أم القرى) أنه تولى الإمامة منذ عام (1290ه) إلى وفاته عام (1313ه).. الثالث هو جدي وشيخي فضيلة الإمام الشيخ السيد حسن فدعق ابن أخ السيد عمر المتقدم ذكره، الذي ذكر في الكتاب أيضاً أن جده هو السيد عمر بن عبدالله، والصحيح أن جده هو السيد عبدالله بن عمر بن حسين فدعق، وأنه لم يتوف عام (1401ه) بل في الثاني من رمضان عام 1400ه. الشكر موصول للعالم ابن العالم؛ الشيخ الصالح بن حميد، مع الدعاء بالتوفيق له في عمله الجديد المرتقب الذي حكى لنا عنه في تكريم (الإثنينية) وراعيها الشيخ عبدالمقصود خوجة وروادها لفضيلته والمتمثل في توثيق سير المؤذنين في الحرمين الشريفين، ووظائف الحرمين من الأعمال التي تخدم الأماكن المقدسة وزوارها من الحجاج والعمَّار.