منع الكاتبة والروائية السعودية بدرية البشر من دخول الكويت غير مفهوم، ولا يغير هذا من حقيقة أن الإجراء معمول به في دول كثيرة ولأسباب أمنية أو سياسية أو قانونية، فقد منعت بريطانيا بعض من وصفتهم بالمتطرفين، ولم تسمح فرنسا بدخول المنقبات السعوديات، والسعوديون أنفسهم كانوا يواجهون صعوبات في الحصول على التأشيرة الأمريكية بعد 11 سبتمبر واستمرت معاناتهم لسنوات، واحترم القرار من حيث المبدأ وفي حالة وجود مبررات معقولة، ولكن المشكلة في غياب التفسيرات الواضحة لما حدث، وفي وجود دعوة رسمية باسمها لحضور المعرض الدولي للكتاب وتوقيع مؤلفها «تزوج بسعودية» والبشر هادئة ومتوازنة نسبيا في كتاباتها الصحافية، وتكتب في الصحافة السعودية والكويتية، ومن المفارقات أن روايتها «هند والعسكر» ممنوعة في الكويت وتباع في السعودية. قبل فترة، حضرت المؤتمر الثامن والأربعين لاتحاد طلبة الكويت في المملكة المتحدة وإيرلندا، واتفقت مع محمد بن عبدالله العازمي رئيس الهيئة الإدارية للاتحاد في ذلك الوقت على بروتوكول تعاون بين الاتحاد وأندية الطلبة السعوديين في بريطانيا، والتفاصيل نشرت في «الوطن الكويتية»، وسعدت بمقابلة عميد السلك الدبلوماسي في المملكة المتحدة السفير الكويتي خالد الدويسان، ولاحظت الأريحية والبساطة في التعامل بينه وبين المبتعثين والمبتعثات من دولة الكويت، وأن الهامش لديهم مرتفع جدا ولدرجة غير معقولة أحيانا، ولا أنسى أن القوائم المرشحة لانتخابات الاتحاد الطلابي مثلما فهمت تمثل توجهات موجودة في الداخل الكويتي، وقياسا على تجربتي الشخصية لا اعتقد أن منع بدرية البشر ينسجم مع ما رأيت. في المقابل، استقبلت الكويت النجمة الأمريكية كيم كارديشان بعد بدرية البشر مباشرة، ما يعني أن المسألة لا علاقة لها بالحسابات والتيارات، والكويت دولة رائدة في مجال الحريات على مستوى العالم العربي، وما زالت، ومجتمعها مثقف ووطني، ويفترض فيها أن تنتصر لقضايا المرأة الخليجية ولا تتعامل معها بهذه الطريقة، أو على الأقل أن تسمح بدخول البشر وتمنع مؤلفها. المنع بالتأكيد أفضل وسيلة لانتشار الممنوع بين الناس، ومنع البشر قدم دعاية مجانية لها ولمعرض الكتاب الدولي في الكويت، وفي الدول الغربية توجد مواقع متخصصة مهمتها نشر الأخبار والمواد غير المنشورة في الصحافة والإقبال عليها كبير، والصحافة الغربية نفسها تحرص على نشر قوائم سنوية أو دورية بالكتب الممنوعة، والمنع في معرض دولي للكتاب قد يدخل بدرية البشر في القوائم المذكورة، ومن الأمثلة، الشهرة الواسعة لسلمان رشدي بعد الحملة ضد كتابه المعروف والثقيل، وأيضا النصوص الإعلانية في الصحافة العربية عن المسلسلات والألبومات الغنائية وغيرها أو ما يسمونه ب «الادفرتوريال»، وتكون تطبيقاته التسويقية عادة بصناعة مواقف أو خلافات تحرض الجمهور على المتابعة والبحث، ويضاف إليها فبركة أخبار ساخنة لإشعال الرأي العام أو توجيهه أو ما يسمونه في الأكاديميا الغربية ب «سودو ايفينتس»، والثانية خاصة بالإعلام السياسي، وقد استثمرها الإعلام الغربي في موضوع العراق وامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، وأخمن أنها وظفت لخدمة أولويات معينة في الربيع العربي وحضورها واضح في شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت. باختصار، الكاتبة والروائية بدرية البشر تحمل هما إنسانيا ووطنيا بامتياز، وليت أصحاب الدعوة في الكويت بستضيفونها عن طريق خدمة «سكايب» على الإنترنت، لمناقشة ملابسات المنع وقراءة جزء من مؤلفها محل الخلاف، أو كما فعل مقهى هافانا الثقافي في مكةالمكرمة مع الشاعرة البريطانية لوسي هاملتون، وذلك لإزالة الشبهات وفكرة أن المنع مصنوع لأغراض تسويقية.