أكد أمير منطقة القصيم في تصريحه المهم جداً في هذه المرحلة المهمة من مراحل التحولات الإدارية والسياسية والثقافية والاقتصادية في العالم كله وليس في المملكة فحسب، حيث قال سموه خلال اللقاء المفتوح: (لابد أن نضع كل شيء على الطاولة، وأمام الإعلام، فزمن «كل شيء تمام» انتهى)، من هذا المنطق الواعي يجب أن يدرك المواطن أن عليه واجبات كبيرة لوطنه ومجتمعه، ويجب أن يكون بمثل هذا الوعي الراقي ليستطيع فعل شيء إيجابي من أجل وطن يستحق منه كل شيء، فالعهد البائد لكل شيء تمام قد انتهى ولم يعد له مكان بيننا، وعلى المواطن أن يمارس حقوقه المشروعة وأن يقول لكل مسؤول مخادع أو مدلس.. كفى كذباً، وليقف عند حده، فليس هذا زمن الكذب والزيف والتدليس والخداع، وعلى الإعلام أن يمارس سلطته الحقيقية بكل صدق وشفافية، وأن يكون سلاحاً نافذاً وقلماً ناقداً لإعادة الأمور إلى نصابها، بالحق والعدل والإنصاف، بعيداً عن التجني. ذكرت في ختام مقالاتي عن التحولات الثقافية التي قرأتها في ملتقى القصيم الأدبي 2012م والتي نشرتها هنا في حلقات ثلاث قلت بأنني اكتفيت بالقراءة عند مرحلة تعاطينا مع وسائل التقنية الحديثة، وذكرت أيضاً أنني سجلت عدداً من التوصيات في ختام ورقتي، تتلخص في أننا الآن على أعتاب مرحلة ثقافية جديدة من مراحل التحول الثقافي، بسبب الربيع العربي وما أفرزته الأحداث الربيعية في البلاد العربية من تحولات ثقافية جديدة يتجلى ذلك في الوعي الديمقراطي للذات الاجتماعية، التي تشكلت بعد الانتصارات المتلاحقة للشعوب، ولهذا فإن نتائج الثورات العربية أخذت تشكل ثقافة مجتمعية جديدة، على أسس ومعايير سياسية واجتماعية وقيم جديدة، لا سقف لها ولا حواجز ولا أطر تحددها، في ظل وجود الأماكن الفسيحة والساحات الكبيرة، والإعلام المفتوح، الحاضر بكل عدته وعتاده، وهذا ما سينتج لنا جيلاً جديداً وهوية ثقافية جديدة نتيجة الصراع الحضاري والثقافي المتجدد، مما يجعلنا بحاجة إلى المحافظة على القيم الإيجابية المهمة التي تلعب دوراً مهماً في حياة الأفراد والمجتمعات، لأن أي خلل في هذه القيم الإيجابية سيؤثر سلباً في المجتمع وأفراده، وإذا استشرى هذا الخلل في جسد المجتمعات سيصعب علاجه مستقبلاً. وكانت المداخلات ثرية جداً، أضافت إلى اللقاء تميزاً وجمالاً رسمه الحضور الرائع للأسماء اللامعة التي تداخلت مع الأوراق، التي كان لها كبير الأثر في نفوسنا بما قدمت لنا من ملاحظات، وسأستعرض بعض المداخلات المهمة التي استفدت منها عند الإعداد لهذه المادة. كانت المداخلة الأولى للدكتور محمد عبيد، الذي أشاد بالورقة وجعلها شاهداً على العصر، ثم سأل عن السبل التي يمكن أن نحافظ بها على القيم الثقافية في ظل التحولات العصرية، وكانت الإجابة المختصرة هي تكريس القيم والمفاهيم الإيجابية في عقول النشء والأجيال الشابة حتى نضمن استمرار هذه القيم الأصيلة واستقرارها في أذهانهم، فالمثقف الناضج يُسهم في بناء شخصية المجتمع ويؤثر فيها تأثيراً إيجابياً. وعلق الدكتور سلطان القحطاني على الانفصال عن مشهد الخصام الذي شهد مرحلة الحداثة، وذكر أنهم في بريطانيا كانوا يتابعون المشهد بكل ما فيه من توترات، وإن كانت الصحف تأتي متأخرة، ثم ذكر عدداً من الأسماء الحاضرة في تلك الفترة مثل: رفقي الطيب ومحمد المفرجي والمليباري والغذامي والسريحي، لكننا في أمريكا كنا لا نجد الصحف السعودية إلا في الملحق التعليمي عند ذهابنا للسفارة السعودية في واشنطن، وهي تأتي أيضاً متأخرة جداً. الدكتورة أمل الثقامي كانت تتساءل لماذا أكتب عن تجربتي الشخصية؟ وقد أجبتها بأن كل التجارب الإنسانية هي شهادات شخصية، وما قدمته في هذه الورقة هو تجربة شخصية تندرج تحت باب السيرة الذاتية، أو هي شهادة شخصية للتجارب الذاتية التي مررت بها خلال أكثر من ربع قرن مع الحرف، التي أثرت في عطائي الفكري والثقافي. الكاتب المعروف أحمد العرفج كان تعليقه رائعاً والتقط لقطة جميلة، حيث ذكرت الورقة أن المشهد السعودي لم يستفِد من الحداثة إلا في الشعر فقط، ولم تؤثر الحداثة في الجوانب الأخرى، وكان تعليقه أن المشهد السعودي استفاد من الحداثة ليس في الشعر فقط بل والقصة أيضاً، وهذا ما جعلني أوافقه الرأي وأعدل العبارة أثناء نشر مقالي لأكتب (وانتهت المعركة عندما انحسر مد الحداثة وخمدت ثورتها وانطفأت شمعتها، لأن مفهوم الحداثة في السعودية اقتصر على جانب واحد فقط هو الجانب الأدبي الشعر والقصة، وهذا ما جعلها تنحسر فنياً وثقافياً، فلم تؤثر الحداثة تأثيراً كبيراً في مناحي الحياة الأخرى). في موقع «الشرق»: شرفني عدد من القراء بالمتابعة والتعليق، (دعشوش، وجمانة السورية، وشوق عبدالله، والواصل، وأبوحاتم، ونبضة قلب، وأميرة الضباب، وناصر فلوس، وغيرهم)، حيث جاءت المداخلات كثيفة وثرية يتسم بعضها بالعمق في الطرح وفي الرؤية، وكانت على مدار ثلاثة أسابيع مشحونة بكثير من الإيجابيات ما عدا صوتين كان لهما رأي مختلف، حيث رأيا أن السيرة الذاتية لا مكان لها في صحيفة سيارة. في الحقيقة، إن الكتابة الذاتية عمل إبداعي على الرغم من أنه يسرد حقائق على أرض الواقع، وكثير من عشاق هذا الفن يتمنون على الكتاب والمشاهير أن يكتبوا سيرتهم الذاتية ليستمتعوا بقراءتها والاستفادة منها، ولعلنا نفعل ذلك من أجلهم.