فهد بن محمد يكرم مدير «جوازات الخرج»    وكيل إمارة الرياض يستقبل مدير فرع وزارة البيئة    محمية الملك سلمان تدشّن "الإصحاح البيئي" في "نايلات"    وزير التعليم يتفقد الكلية التقنية بحائل    زراعة 170 ألف زهرة لتعزيز المشهد الحضري في بقيق    "محمية تركي بن عبدالله" تحدد موعد انتهاء الرعي الموسمي    أرض الصومال.. بؤرة الصراع القادمة    حتى لا تُختطف القضية الجنوبية.. المملكة ترسم خطوطًا فاصلة في حضرموت والمهرة    القارة العجوز تفقد السباق للقمة    الركراكي: أنا الأنسب لقيادة الأسود للقب    كونسيساو يرفض إراحة اللاعبين    الهلال يعاود تحضيراته للخلود    بلدية الرس تصادر 373 كلغم من الغذاء الفاسد    مدير تعليم الطائف: مركز التوحد نموذج لتطوير قدرات الطلاب    «هلال حائل» ينقذ مواطنًا سقط في فوهة بركان    227 صقرًا تشارك في 7 أشواط للهواة المحليين بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الرابع    د. باهمام يحصل على جائزة «الطبيب العربي» 2025    مركز الأمير محمد بن سلمان للخط العربي.. إعادة تشكيل هوية الحرف    الشؤون الدينية تطلق مبادرة "عليكم بسنتي"    "الشؤون الإسلامية" تقيم مسابقة القرآن في الجبل الأسود    بين التانغو والتنظيم الأوروبي.. البحث عن هوية فنية جديدة للأخضر    غرق مئات من خيام النازحين في غزة    السجن 1335 عاماً لعضو في عصابة بالسلفادور    التحضيرات جارية للقاء نتنياهو وترمب.. 3 دول توافق على المشاركة في قوة الاستقرار الدولية    مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية بالسودان ولبنان.. وصول الطائرة السعودية ال77 لإغاثة الشعب الفلسطيني    2.3 مليار تداولات السوق    موجز    «الموارد»: توظيف 65 ألف مواطن في قطاع الاتصالات    الإجرام الجميل    حكم بالحبس والغرامة على «مها الصغير»    هديل نياز.. فنانة بطموحات عالمية    ليالي جازان ألوان فرح والأطفال يتسلطنون    صراع شرس بين كبار أوروبا لضم «نيفيز»    في انطلاق الجولة ال 12 من دوري روشن.. ديربي قصيمي بين التعاون والنجمة.. وشرقاوي يجمع الخليج والفتح    الزواج بفارق العمر بين الفشل والناجح    البيت الحرام.. مثابةٌ وأمنٌ    اختبار دم يتنبأ بمخاطر الوفاة ب«مرض القلب»    رحيل المخرج المصري عمرو بيومي    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    طرائف الشرطة الألمانية في 2025    علاج جيني روسي لباركنسون    إلغاء سندات لأمر في التمويل لبطاقات الائتمان    أسفلت بالطحالب يقاوم الحفر    اللجنة المحلية المنظمة لكأس آسيا "2027 السعودية" تستعرض جاهزية الاستعدادات للبطولات القارية المقبلة    أرقام النصر القياسية تزين روشن    رفض واسع يطوق قرار نتنياهو ويفشل رهاناته في القرن الإفريقي    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    السماء أكثر زرقة وصفاء في الشتاء لهذا السبب    اختتام الدراسة المتقدمة للشارة الخشبية في نجران بمشاركة 40 دارساً ودارسة    إصابة خالد ناري بكسور في القفص الصدري بسبب حارس النصر    أفراح التكروني والهوساوي بزواج محمد    الداخلية: ضبط 19 ألف مخالف    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    عصير يمزق معدة موظف روسي    مختص: لا ينصح بأسبرين الأطفال للوقاية من الجلطات    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربتي مع التحولات الثقافية (3 - 3)
نشر في الشرق يوم 31 - 10 - 2012

في الأسبوع الماضي ذكرت أنني لم أستفِد من مرحلة الصراع بين دعاة الحداثة والمحافظين، وهذا ما جعلني ألتزم بتوجهي الكلاسيكي في كتابة القصيدة، واستمرت متابعتي الأحداث بالبحث عن الصحف التي قامت بتغطية تلك المعارك التي ظهرت معالمها القوية في حشد كل فريق قواته من أجل تقويض الفريق الآخر، وكان هناك حماس شديد من دعاة الحداثة استحوذوا به على معظم وسائل الإعلام، وتأثر بهم عدد غير قليل من جيلي الشاب حينذاك، فكتبوا قصائد حداثية، وتقدم عدد من الأكاديميين المنتمين لتيار الحداثة بدراسات أدبية لهؤلاء الشباب، حيث كانت هناك حملة قوية لمناصرة هذا التيار الجديد، تبنّاها عدد من الصحف والمجلات، وبعض الأندية الأدبية، في مقابل الشعراء الشباب الذين يتبعون منهج الكلاسيكيين -وكنت أحدهم- الذين لم يحظَ شعرهم بالدراسات النقدية، ولا بالبهرجة الإعلامية التي حظي بها أندادهم من التيار الحداثي، فلم يكن نشر القصائد الكلاسيكية سوى في صحيفة واحدة أو اثنتين أذكر منهما صحيفة الندوة التي كانت تصدر ملحقاً أسبوعياً كل يوم أحد، تناوب في الإشراف عليها عدد من الزملاء كان آخرهم محمد موسم المفرجي رحمه الله، وقد نشرت عدداً كبيراً من قصائدي خلال هذا الملحق، حيث كانت الندوة في تلك الأيام تنشر القصائد الكلاسيكية المطولة، لتثبت للصحف المتبنية تيار الحداثة أن الشعر العربي العمودي مازال بخير، وأنه قادر على استيعاب كل المعاني، مهما تكن.
وانتهت المعركة عندما انحسر مد الحداثة وخمدت ثورتها وانطفأت شمعتها، لأن مفهوم الحداثة في السعودية اقتصر على جانب واحد فقط هو الجانب الأدبي (الشعر والقصة)، وهذا ما جعلها تنحسر فنياً وثقافياً، فلم تؤثر الحداثة تأثيراً كبيراً في مناحي الحياة الأخرى.
وبدأت رحلة جديدة من التحول الثقافي سُميت (ما بعد الحداثة)، وهذه المرحلة لم تدُم طويلاً، فالشعور بالانكسار الحداثي جعل ما بعدها يتركز على نقد مرحلة الحداثة والبحث عن خيارات أخرى بديلة تنسجم مع كل المستجدات الأدبية والاجتماعية والإنسانية التي تظهر في المشهد الثقافي، والتي تحارب كل ما هو تقليدي، وتراثي، وهي مرحلة ظلت تتراوح بين ما هو ثابت وما هو متحرك، وبقيت مرحلة التشكيك قائمة، ولم يعد الحديث عن الوعي الثقافي بتلك الأهمية التي كانت تبدو قوية في مرحلة الحداثة، وهذه المرحلة بالنسبة لي هي مرحلة النضج الفكري الذي جعلني أتمسك بمبادئي.
هناك مراحل صغيرة مرت بي سريعاً، كهذه المرحلة التي تحدثت عنها سابقا، ومرحلة العولمة، التي انفتحت أبوابها بدءاً بالحرب بين العراق وإيران، وتلتها مباشرة حرب الخليج الثانية، التي كان وقعها مؤلماً لكنها تفجرت عن إثراء معرفي جديد وثقافة جديدة حملت على عاتقها تحميل الخطاب الثقافي بعضاً من الدروس المستفادة إقليمياً ودولياً، كما تفنن بعض المنتمين للتيارات العلمية والفلسفية في تكريس البرامج اللغوية العصبية التي من شأنها إعادة صياغة صورة الواقع في ذهن الإنسان، وانتشرت هذه الثقافة كثيراً في فترة معينة، والتحقت بأحد هذه البرامج للاستفادة الشخصية، في محاولة جادة مني لإعادة صياغة صورة الواقع، ثم جاء الانفتاح العربي على ما يسمى بالبث المباشر، وكنت من أوائل الذين سارعوا إلى شراء الأطباق الهوائية أو ما يسمى ب(الدش) و(الريسيفر) وملحلقاتها على الرغم من ارتفاع أسعارها، غير آبه بالانتقادات في تلك الفترة، ولم يدُم أمر الانتقادات طويلاً فقد انتشرت الأطباق فوق سطوح المنازل بشكل مذهل، نتيجة لاحتلال الفضاء بالقنوات الفضائية التي شكلت لدينا ثقافة واسعة الاطلاع على الثقافات الأخرى، وبعد الإطاحة بالعراق كثرت القنوات التي كرست في الأذهان عودة العداوات بين العرب والفرس، وظهرت على السطح الطائفية بشكلها المقيت، وإن كان هناك كثير من العقلاء الذين حاولوا رأب الصدع، والعمل على وحدة الصف، وثقافة الائتلاف، وجاءت الدعوة أولاً للحوار الوطني، وتلاها بعد حين الدعوة لفتح الحوار بين الأديان والمذاهب المعاصرة كأحد أهم الأركان المهمة التي تعمل على ترميم الفجوة بين مسلمي السنة والشيعة، بالإضافة إلى الأديان الأخرى.
إذا كان مفهوم التحول الثقافي في مرحلة العولمة هو التقارب بين الشعوب ثقافياً واقتصادياً، وسياسياً ومعرفياً، فإن هناك مرحلة مهمة جداً من مراحل التحول الثقافي وهي مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، هذه المرحلة التي ألقت بظلالها على كل الشعوب، وجعلت العالم يؤمن بمجموعة من القيم والمبادئ المشتركة، حيث تم تكريس هذه المبادئ فيما يسمى بالحرب على الإرهاب، هذه الحرب التي أفرزت ثقافة أخرى باتجاه مبادئ العدل والحرية والسلام والأمن، وغذيت بكثير من الشعارات التي سيطرت على الخطاب الثقافي، وقد شاركت بفاعلية في هذه الحرب بقلمي وفكري وشعري ونثري، وأحييت عدداً من الأمسيات الشعرية بحماس شديد.
في الحقيقة إن العالم اليوم يشهد كثيراً من التحولات للقيم السلبية والإيجابية، وهناك انفتاح الأجيال على الجديد بكل أنواعه المفيد منها وغير المفيد، ومحاولة خروجهم من حالة الغربة الثقافية التي يشعرون بها في ظل وجود وسائل التقنيات الحديثة التي تعاطيتها كغيري من جيلي ومن الأجيال الأخرى، والحرص على وسائل التواصل الاجتماعي المتمثلة في (فيسبوك وتويتر واليوتيوب، والواتس آب) هذا الرباعي الذي أوجد تمازجاً ثقافياً بين الأجيال المختلفة في كل شعوب العالم بما يشبع احتياجاتهم، وفتح الباب على مصراعيه للتواصل الثقافي بين الأمم.
في ملتقى القصيم الأدبي اكتفيت بالقراءة حتى هنا، وقرأت عدداً من التوصيات التي ختمت بها ورقتي، وكانت المداخلات في الملتقى ثرية جداً، بالإضافة إلى ردود الأفعال التي تفضل بها الإخوة والأخوات هنا على صفحات «الشرق» لعلي أتمكن من رصد أهمها والتعليق عليها في مقال خاص خلال الأسابيع القادمة إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.