أفضل طريقة لاكتشاف معدن شخص ما أن تسافر معه أو تقترض منه أو تقرضه؛ لأن العلاقة مهما طالت لا تكشف جوهر الشخصية وحقيقة فعلها ما لم تتعرض لصقل يعري قشرتها الخارجية وينزع قناعها الظاهري السائد في لحظات الارتخاء والسعة. هذا الوضع ينطبق حاليا على حزب الله بعد خضوعه لامتحان حقيقي فضح كل طروحاته الدعائية، ووضعه أمام مواجهة لا تحتمل التلون والمراوغة، ولا تعيش على الخطابات الرنانة وصرخات المؤيدين، وسحب منه جمهور 2006 الذي أوشك أن يضع حسن نصرالله زعيما ومنقذا و»صلاح الدين» جديدا استناداً إلى ثقافة عاطفية تستمرئ الفخامة اللفظية وترتهن إلى العبارات البراقة منذ أيام جمال عبدالناصر وصدام حسين وكأنها تعجز عن التحرر من سكونها وتستكين إلى الخداع والتضليل. لم تحرج الثورة السورية حسن نصرالله فقط بل كانت تنزع قشرته مرحلة بعد أخرى حين ينحاز، بفجاجة وإصرار، إلى دموية النظام السوري معلناً، صراحة، حقيقة فهمه للقيم والحق والأخلاق، وممارساً طريقة عمله الميداني في كونه شريكاً يشاطر صديقه المدفع والرصاصة والسكين فيتعدى على حيوات السوريين لأن القضاء عليهم سيفتح الطريق رحباً إلى إسرائيل مثلما ادعى صدام حسين أن الكويت هي الطريق إلى القدس. هؤلاء المخادعون لا ينقرضون بل يدورون على كرسي الخطابة لأن الشارع العربي يسبح في عاطفية ساذجة جعلته يرى الكلام نصراً، والاحتيال فعلاً، والمزاعم بطولة ونصرا. وهو الذي يسمح بالاستمرار لمثل هذه النوعيات مؤكدا زيف وعيه وضعف نضجه وقابليته للخداع والانجراف خلف كل كلمة تشنف أذنيه دون أن تشبع عقله. لم يكن حزب الله بطائفيته وألاعيبه أملاً عربياً أبداً وإن كان لايزال عند البعض كذلك لأن التبعية والأيديولوجيا تصنعان أتباعاً تجمعهم الطبلة وتفرقهم العصا.