بصراحة، يجب أن نتعود عليها، فإنني لم أستمع إلى الدكتور طارق الحبيب يوما وهو يوزع حزم تحليلاته النفسية إلا وخرجت بخفي حنين أو أقل من ذلك. وقد جاءنا الدكتور مؤخرا بخفي (الحبيب) حين روى المغردون أنه قال لتلفزيون الكويت: «إن بقاء المظاهرات في بلد يحتم تدخل الدول المجاورة لمنع الهستيريا الجماعية». ولست هنا بصدد موضوع المظاهرات وبقائها أو انقشاعها أو التدخل أو عدمه، فالدول أعلم بشؤوها وحدودها ودواعي حضورها في مكان من عدمه. ما أنا بصدده هو أن بعض الناس إذا دخلوا علما معينا ظنوا أنه مطلوب منهم أن يكونوا جاهزين للإجابة على كل سؤال، بل ربما تصوروا ألا سؤال يعجزهم أو يحول دون تدفق علمهم الغزير. ومن ذلك ما يقع فيه الدكتور طارق الحبيب أحيانا حين يجيب على كل سؤال سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو شخصي بمنطق علم النفس وعلى الهواء مباشرة. والهواء المباشر، كما نعلم، يرسل أقوالك غير المحسوبة والمدروسة فورا إلى الجماهير التي تتلقفها وتشيعها، وقد تصدقها، أيضا، بدون حساب لنتائجها وآثارها على الواقع الذي تعيشه. هناك فيما يبدو (هستيريا) فوقية عند بعض من يعلمون ويغفلون عن أن فوق كل ذي علم عليم. مثلهم مثل فلاح النخل في الأحساء الذي يصر على شرح كيفية زراعة نخيل كاليفورنيا. وللدكتور الحبيب أقول تواضعوا للعلم تجدوه وتنقلوه بشكل صحيح وأمين. أما عبارة «هستيريا جماعية « Mass Hysteria، وهذا من مصدر موثوق، فتستخدم لوصف ردود أفعال ذعر الجمهور وهي ظاهرة نفسية اجتماعية تتجسد فيها نفس الأعراض الهستيرية في أكثر من شخص واحد. ومن الأمثلة الشائعة في الهستيريا الجماعية اعتقاد مجموعة من الناس بأنهم يعانون من نفس المرض أو الاعتلال. فأين هذا الشرح مما تحدثت عنه يادكتور؟!